لا تشتغل بحمص إذا ملكت مصر ، كانت حمص وغيرها لك ، فتوجه إلى نابلس وأقام بها في انتظار عمه الملك الصالح ، وكان الملك الصالح والملك المجاهد قد اتفقا على أخذ دمشق ، وكان الملك الصالح نجم الدين مصافيا للملك المظفر صاحب حماة ، فسير إليه يقول : أنا متوجه إلى الديار المصرية وتبقى دمشق شاغرة ، وأخاف من الملك الناصر داود ، ومن غيره من المجاورين ، فأحفظها كيف شئت فاقتضى رأيه أن يجهز إليها الأمير سيف الدين ، وخشي عليه من صاحب حمص ، فأظهرا منافرة وقال له سيف الدين في ملأ من الناس : أنت تواطىء الفرنج ، وتريد تسليم البلاد إليهم ، وأنا ما بقيت أقيم عندك ، وقام خرج على غضب ، وتوجه في قريب أربعمائة فارس ، وجماعة كثيرة من أعيان الحمويين ، وجاؤوا إلى حمص ونزلوا على البحيرة ، فخرج الملك المجاهد إلى الأمير سيف الدين ، وهنأه بالسلامة وسير له الإقامات ، وسأله عن سبب حركته ، فأخبره فشرع صاحب حمص يشتم صاحب حماة ، ويلعنه بكل لسان ، ويشكر سيف الدين على مفارقته ، وصار يركب إليه كل يوم ويسيران ويتحدثان ، فعمل صاحب حمص حسابه ، ورتب له جماعة كثيرة ، وركب معه وسايره وأشغله بالحديث إلى أن قربوا من المدينة ، فتوقف سيف الدين ، وقال للملك المجاهد : بسم الله يدخل المولى مدينته ، فقال لي : بك اجتماع في المدينة ، وأشتهي أتحدث معك في مهم لي ، وأطلعك على ما في نفسي منه ، وهذا ما يمكن إلّا في المدينة ، ولا بد من دخولك على كل حال ، فرأى الأمير سيف الدين أنه مقهور معه ، فدخل ونزلوا في دار بالمدينة ، وقال له الأمير سيف الدين : ما هو المهم الذي ذكره المولى؟ قال لي : شغل أريد أقضيه ، وأشتهي تعيرني جماعتك يجيئون معي مدة ثلاثة أيام أستعين بهم على قضاء شغلي ، وأعود بهم إلى خدمتك ، خذهم ورح قال : فأنا وهم نجيء معك ، قال : ما يمكن المولى كبير المقدار ، وإنما تقيم أنت هنا إلى أن نعود ، فما أمكنه مخالفته ، وقد صار في قبضته ، فقال له الملك المجاهد : تسير إليهم وتستدعي فلان