العمل على خلافه ، فإنه قال : لما ودعت الملك الصالح حين سفره إلى الشام قال لي : أنا مسافر إلى الشام ، وأخاف أن يعرض لي موت ، وأخي الملك العادل بقلعة مصر ، فيأخذ البلاد وما يجري عليكم منه خير ، فإن عرض لي في سفري هذا مرض ، ولو أنه وجع إصبع أو حمى ، فأعدمه فإنه لا خير فيه لكم ، وولدي توران شاه لا يصلح للملك ، فإن بلغك موتي لا تسلم البلاد لأحد من أهلي بل سلمها إلى الخليفة المستعصم بالله ، وقال الأمير حسام الدين : قلت للملك الصالح وهو مريض مشرف : ما يسير مولانا السلطان يطلب ولده الملك المعظم؟ فما أجاب ، فلما ألححت عليه ، قال : أجيبه إليهم يقتلوه ، فكان الأمر كما قال.
وفي جمادى الآخرة سنة تسع وأربعين استأذن الأمير حسام الدين الملك المعز في الحج ، فأذن له وأمر له بحراقة يسافر عليها إلى قوص ، وبألف دينار ، وطلب من الملك المعز الأمير عز الدين أزدمر الجمدار ليحج صحبته فأذن له ، ودخلا مكة في أواخر شعبان ، ونزل الأمير حسام الدين بدار الضيافة التي بقرب الصفا ، وقضى الحج ، وعاد إلى المدينة صلوات الله وسلامه على ساكنها ، فزار وتوجه إلى ينبع ، وأقام بها أياما لأمر بلغه ، ثم عاد إلى الديار المصرية على الهجن ، وفي سنة احدى وخمسين استأذن الملك المعز في التوجه إلى الشام ، وكان قد ترك الخدمة فأذن له وسافر إلى دمشق ، فأقطعه الملك الناصر خبزا جليلا ، واحترمه غاية الاحترام ، وأقام عنده مكرما معظما ، ثم توجه إلى الديار المصرية فتوفي بها ، وورد الخبر إلى دمشق بوفاته في أواخر شهر شعبان من هذه السنة رحمهالله ، ودفن بالرصد عند والده رحمهماالله ، وكان الأمير حسام الدين قد عرض له صرع قبل وفاته بسنين ، ثم تزايد به وكثر ، فكان سبب وفاته ، ومولده بحلب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة ، وأصله من إربل ، وكان فاضلا وله نظم جيد قال الأمير عز الدين محمد بن أبي الهيجاء رحمهالله : أنشدني الأمير حسام الدين المذكور بالمدينة الشريفة النبوية ، صلوات الله على ساكنها وسلامه لنفسه :