وفي المحرم سنة سبع وأربعين دخل الأمير حسام الدين إلى الديار المصرية نائبا بها ، وتوجه الأمير جمال الدين موسى بن يغمور إلى الشام نائبا بدمشق ، فالتقيا في الرمل ، واستمر في نيابة السلطنة بالديار المصرية إلى حيث مات الملك الصالح فبلغه أن الأمير فخر الدين بن الشيخ قد عزم على استدعاء الملك المغيث فتح الدين عمر بن الملك العادل ابن الملك الكامل من عند عماته القطبيات ، ويفوض السلطنة إليه ، ويكون أتابكه ، فتقدم الأمير حسام الدين إلى شمس الدين ابن باخل والي القاهرة إذ ذاك أن ينقل المغيث إلى قلعة الجبل ، وأمر بالاحتياط عليه ، وسير قصاده إلى حصن كيفا يستحثوا الملك المعظم توران شاه على سرعة الوصول ويعرفوه المفاسد المترتبة على تأخره بخروج الأمر عنه إلى الملك المغيث ، فلما وصلت قصاده إلى الملك المعظم ، سار مجدا لاحدى عشرة ليلة مضت من شهر رمضان سنة سبع وأربعين ، وترك بالحصن ولده الملك الموحد عبد الله ، وعمره نحو عشر سنين ، وعنده من يقوم بتدبيره ، وسار يعتسف القفار خوفا من الملوك الذين في طريقه ، فوصل دمشق ، واستقر بقلعتها فامتدحه بعض الشعراء بقصيدة مطلعها :
قل لنا كيف جئت من حصن كيفا |
|
حين أرغمت للأعادي أنوفا |
فأجابه الملك المعظم في الوقت :
الطريق الطريق يا ألف نحس |
|
مرة آمنا وطورا مخوفا |
فاستظرف الناس من ذلك من الملك المعظم ، ولما توجه استصحب معه شرف الدين الفائزي ، ولما وصل الرمل أسلم على يده نشو الدولة ابن حشيش كاتب إنشائه ، ولقبه معين الدين ، ورشحه لأن يكون وزيره ، كما كان معين الدين ابن الشيخ وزير أبيه ، فكان الأمير حسام الدين آكد الأسباب في حضور الملك المعظم وسلطنته بالديار المصرية ، والعجب منه كيف اجتهد في ذلك بعد ما سمع من الملك الصالح نجم الدين ما يقتضي