الرياسة عنده تعاظم وتغطرس ، حكى لي الأمير عز الدين محمد بن أبي الهيجاء رحمهالله ما معناه ، أن الأمير حسام الدين لما حضر إلى دمشق في الأيام الناصرية ، طلبه الملك الناصر لحضور مشورة ، فظهر عليه كراهية الحضور ، وقال : كنت أود لو عاجلني الموت في هذه الساعة ، فقلت لم يا خوند؟ فقال : قد طلبني السلطان إلى مجلسه العام ، وعنده ناصر الدين القيمري عن يساره ، وجمال الدين بن يغمور عن يمينه ، وهما عنده في المنزلة العليا ، فيقتضي الحال القعود دون أحدهما ، وهذا أرى الموت دونه ، فهونت عليه ذلك ، وقلت : ياخوند مكانتك معروفة لا ينقصها ذلك ، فقال : لكن على كل حال إذا كان ولا بد أشتهي أن يقعدوني في جهة الأمير ناصر الدين فهو كردي ، ثم أمرني بالتوجه إلى باب دار السلطان لكشف الخبر ، فلما صرت بباب دار السلطان وجدت بعض من كان حاضرا قد خرج فحدثني أن بعد توجه الرسول لطلبه ، تشاوروا أين يقعدونه إذا حضر فقال الأمير ناصر الدين : هذا رجل كبير القدر ، وقادم على مولانا السلطان فيقعد بين مولانا السلطان ، وبين المملوك ، وتقرر أنه يقعد فوق الأمير ناصر الدين القيمري ، فعدت إليه مسرعا فصادفته عند باب القلعة فعرفته ما جرى ، فتهلل وجهه ، ودخل فاحترمه الملك الناصر احتراما كثيرا ، وأقعده إلى جانبه بينه وبين الأمير ناصر الدين القيمري ، فلما خرج قلت له : ياخوند أجلسك السلطان إلى جانبه ، فوق الأمير ناصر الدين؟ فقال : نعم ما كان يمكن غير هذا ، وهذا التعاظم والمنافسة في مثل ذلك ، وما يجري مجراه إنما اقتبسه من مخدومه الملك الصالح نجم الدين ، فإنه كان اتصل بخدمته في حياة الملك الكامل ، ولازمه واختص به اختصاصا كبيرا ، وجعله استاذ داره ، وكان يعتمد عليه في مهماته ، ويثق به وثوقا عظيما ، ويسكن إليه بخلاف وثوقه بسائر من في خدمته ، ولما أمسك الملك الصالح واعتقل بالكرك أراد الأمير حسام الدين المذكور التوصل إلى آمد بإشارة من الملك الصالح إليه ، عندما أمسك ، فعمل على ذلك فقبضه الملك الصالح عماد