وحزبه ، وأخزى الكفر ، وأهله فحمل على الميسرة فهزمها هزيمة شنيعة كادت تستمر ، لولا تدارك الله الإسلام بنصره ورحمته ، فحملوا عليهم فكسروهم كسرة لا يرجى بعدها جبر ، فولوا على وجوههم والسيوف تأخذهم ، واعتصم منهم طائفة بتل هناك ، فأحدقت بهم العساكر ، وقتلوا عن آخرهم وأسر من كان صغيرا ، أو مراهقا ، وأما كتبغا فلم يفر ، ولم يكن الفرار من عادته ، فثبت وقاتل إلى أن قتل ، وعجل الله بروحه إلى النار ، وكان الذي تولى قتله على ما قيل ، ولم يعرفه ، الأمير جمال الدين آقوش الشمسي رحمهالله وأسر ولده ، وكان جميل الصورة جدا ، ولما تمت الكسرة قيل للملك المظفر : إن كتبغا هرب ، وكان قد أحضر إليه ولده أسيرا وهو واقف بين يديه ، فقال له : أبوك هرب ، قال : لا أبي ما يهرب أبصروه في القتلى فدوروا عليه في القتلى ، وأحضروا عدة رؤوس وعرضوها على ولده وهو يقول : ما هو هذا إلى أن أحضروا رأسه ، فقال هذا هو ، وبكى ثم قال للملك المظفر ما معناه : نم طيبا ما بقي لك عدو تخاف منه هذا هو كان سعادة التتر ، به يهزمون الجيوش ، وبه يفتحون الحصون ، وكذا كان لم يفلحوا بعده ، ولله الحمد والمنة ، وأما ولده فقد كنت رأيته معه ببعلبك لما حضر لحصار قلعتها ، ثم رأيته بالديار المصرية في سنة تسع وخمسين وقد لبس زي الترك ، وكان مقتل كتبغا يوم المصاف ، وهو يوم الجمعة خامس وعشرين شهر رمضان المعظم من هذه السنة ...
... محمد بن غازي بن أبي بكر محمد بن أيوب بن شاذي ، أبو المعالي الملك الكامل ناصر الدين ، صاحب ميافارقين وتلك البلاد ، ملك في سنة اثنتين وأربعين وستمائة عقيب وفاة والده الملك المظفر شهاب الدين غازي ابن الملك العادل ، وكان أولا يداري التتر ، فلما خبر باطن أمرهم وإن المداراة لا تفيد معهم ، انجذب منهم ، فلما علم أنهم على عزم قصده ، قدم على الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمهالله بدمشق مستغيثا