مدار ذلك كله عليه ، وتملك بعده ، فلما بلغه ذلك سير من نبشه ونقله إلى غير ذلك المكان ، وعفى أثره ، ولم يعف خبره رحمهالله وجزاه عن الإسلام خيرا ، ولم يخلف ولدا ذكرا له ، بل سمعت أنه خلف ابنتين ، وكان قتله يوم السبت سادس عشر ذي القعدة.
حكى لي المولى علاء الدين علي بن غانم حرسه الله في غزة شوال سنة إحدى وتسعين وستمائة ببعلبك قال : حدثني المولى تاج الدين أحمد ابن الأثير تغمده الله برحمته ورضوانه ما معناه أن الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمهالله ، لما كان على برزة في أواخر سنة سبع وخمسين وستمائة وصله قصاد من الديار المصرية بكتب يخبرونه فيها أن قطز تسلطن ، ملك الديار المصرية ، وقبض على ابن أستاذه ، قال المولى تاج الدين : فطلبني السلطان ، قرأت عليه الكتب ، وقال لي خذ هذه الكتب ورح إلى الأمير ناصر الدين القيمري ، والأمير جمال الدين بن يغمور ، وأوقف كلا منهما عليها ، قال : فأخذتها وخرجت ، فلما بعدت عن الدهليز لقيني حسام الدين البركة خاني ، وسلم علي ، وقال جاءكم بريديّ ، أو قاصد من الديار المصرية؟ فوريت وقلت : ما عندي علم بشيء من هذا ، قال : قطز يتسلطن ويملك الديار المصرية ويكسر التتر ، قال المولى تاج الدين : فبقيت متعجبا من حديثه ، وقلت له : إيش هذا القول؟ ومن أين لك هذا؟ قال : والله هذا قطز هو خشداشي ، كنت أنا وإياه عند الهيجاوي من أمراء مصر ، ونحن صبيان ، وكان عليه قمل كثير ، فكنت أسرح رأسه على أنني كلما أخذت عنه قملة آخذ منه فلسا ، أو صفعة ، فلما كان في بعض الأيام أخذت عنه قمل كثيرة ، وشرعت أصفعه ، ثم قلت في غضون ذلك : والله ما أشتهي إلا أن الله يرزقني إمرة خمسين فارسا فقال لي : طيب قلبك أنا أعطيك إمرة خمسين فارسا ، قال : فصفعته وقلت : واللك أنت تعطيني إمرة خمسين؟ قال : نعم فصفعته ، فقال لي : واللك علة ايش يلزمك لك إلا إمرة بخمسين فارسا