على السلطنة يوم السبت سابع عشر ذي القعدة سنة سبع وخمسين وستمائة ، فملك سنة واحدة ، وخروجه للقاء التتر وهو أول من اجترأ عليهم بعد علاء الدين خوارزم شاه ، وضرب معهم مصافا ، فكسرهم كسرة عظيمة مشهورة جبر بها الإسلام ، فرحمهالله ورضي عنه.
ومما حكي عنه أنه قتل جواده في يوم المصاف بعين جالوت ، ولم يصادف في تلك الساعة أحدا من وشاقيته الذين معهم جنائبه ، فبقي راجلا ورآه بعض الأمراء الأكابر الشجعان المشهورين ، فترجل من حصانه وقدمه له ليركبه ، فامتنع وقال : ما معناه ما كنت لآخذ حصانك في هذا الوقت ، وأمنع المسلمين الانتفاع بك ، وأعرضك للقتل ، وحلف عليه أن يركب فرسه فامتثل أمره ، ووافاه الوشاقية بالجنائب ، فركب فلامه بعض خواصه على ذلك وقال : ياخوند لو صادفك ، والعياذ بالله بعض المغل ، وأنت راجل كنت رحت وراح الإسلام ، فقال : أما أنا فكنت أروح إلى الجنة إن شاء الله ، وأما الإسلام فما كان الله ليضيعه ، فقد مات الملك الصالح ، وقتل الملك المعظم ، والأمير فخر الدين ابن الشيخ مقدم العساكر ، ونصر الله الإسلام بعد اليأس من نصره ، يشير إلى نوبة المنصورة ، والقصة معروفة لا تحتاج إلى شرح ، ولما قدم دمشق بعد الكسرة أجرى الناس كافة على ما كانوا عليه إلى آخر الأيام الناصرية في رواتبهم واطلاقاتهم ، وجميع أسبابهم ، ولم يتعرض لمال أحد ، ولا إلى ملكه ، ثم توجه بعد تقرير قواعد الشام وترتيب أحواله على أجمل نظام إلى جهة الديار المصرية كما ذكرنا ، فرزقه الله الشهادة ، فقتل مظلوما بالقرب من القصير ، وهي المنزلة التي بقرب الصالحية من منازل الرمل ، وبقي ملقى بالعراء ، فدفنه بعض من كان في خدمته بالقصير المذكور ، فكان قبره يقصد للزيارة دائما ، واجتزت به وترحمت عليه وزرته ، وكثر الترحم عليه ، والدعاء على من قتله ، وكان الملك الظاهر ركن الدين بيبرس رحمهالله قد شارك في قتله أتم مشاركة ، بل كان