كيفيتها ، فذكر أنها ليست بشيرج ، وإنما هي بدهن لوز استخرج ، وطبخت به مع كثرة الفستق والمسك وغيره ، ولعلها أرادت أرادب عدة قلب لوز ، فأخبر الحلاوي الأمير فخر الدين بذلك فاستهالها ، وقال : هذا جنون.
وحكى لي العماد مظفر بن سني الدولة رحمهالله ما معناه ، قال : خرجت معه إلى عيون الفاسريا في زمن البطيخ ، وكانت له ، فتقدم إلى أصحاب المقاث أن يجمعوها ، ثم جمعوها فجاءت شيئا كثيرا ، فأمر أن ينقى الفحل الجيد الذي في المجموع ، فجاء قريب أربعمائة حمل ، فكتب ورقة بتفرقة ذلك جميعه على الأعيان والمعارف بدمشق ، وقال لي : تركب وتروح إلى الدار تستدعي بالغلمان ، وتقف ظاهر البلد ، ومعك الورقة ، وتسير لكل انسان ما عين باسمه ، فقلت : يا مولانا هذا يساوي أكثر من سبعة آلاف درهم ، فقال : وإذا أطعمنا أصحابنا بطيخ بسبعة آلاف درهم ، ما هو كثير ، ففعلت ما قال ، ثم إن شرف الدين المذكور باع عيون الفاسريا ، وأنفق ثمنها ، وكان يدعي النظر على الأوقاف النورية بحلب ، وحماة ، وحمص ، وبعلبك ، وغيرها ، وقد أثبت مال ذلك إليه فقال بعض الناس : من يبيع العيون ما يستحق النظر.
حكى لي الجمال نصر الله رحمهالله ، وكان في خدمته ما معناه قال : خلف له والده من الأموال والأثاث ، والقماش ، والخيول ، والبغال ، والجمال والمماليك والجواري والخدام ما لا يحصى كثرة ، ومن الأملاك كذلك ، وخلف له سطل بلور أكبر من المد الشامي ، له طوق ذهب وعلاقة ذهب ، وهو ملآن جواهر نفيسة لو وضع عليها حبة واحدة سقطت ، فأذهب الجميع بيعا ، وهبة ، وكان في آخر عمره قد نفد ما معه من المال والأملاك وغيرها ، ولم يبق له إلا ما يتناوله على سبيل النظر من الأوقاف النورية ، ومع هذا فنفسه وسعة صدره على ما يعهد منه لم يغيره الإقلال ، وخلف من الورثة ولدين : أحدهما يقال له كمال الدين محمد ،