... عثمان بن محمد بن عبد الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن المطهر بن أبي عصرون ، أبو عمرو شرف الدين التميمي الدمشقي الشافعي ، مولده بدمشق في ثامن عشر ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وخمسمائة ، كان رئيسا جوادا كبير الهمة مفرط الكرم ، يستقل الكثير في العطاء ، وأنفق من الأموال جملا عظيمة طائلة ، وتوفي وهو فقير من فقراء المسلمين لم يخلف إلّا ما قام بمؤونة تجهيزه ، ودفنه ، وهو مركوبه وثياب بدنه لا غير ، وكانت وفاته في العشر الأول من صفر هذه السنة ، وهو في عشر الثمانين ، ولما حضر نعشه إلى جامع دمشق للصلاة عليه وضع شمالي مقصورة الخطابة ، واتفق في ذلك الوقت حضور نواب التتر إلى الجامع لقراءة الفرامين الواردة من هولاكو المتضمنة الأمان لأهل دمشق ، فقرئت وجنازته موضوعة ، ثم صلي عليه ، ودفن رحمهالله.
سمع من أبي الفضل محمد بن يوسف الغزنوي وغيره ، وأجاز له جماعة من الشيوخ البغداديين ، وحدث ، ويحكى عنه في تكرمه وسعة صدره غرائب من جملتها ، أنه توجه إلى الديار المصرية مرة ، ومعه هدية جليلة نفيسة لأولاد شيخ الشيوخ ولغيرهم ، وكان بينه وبين أولاد شيخ الشيوخ قرابة ، فإن والدتهم ابنة عمه ، فلما سير للأمير فخر الدين نصيبه من الهدية استعظمها ، وقال : بما نقابل هذا الرجل؟ واتفق حضور سكر مكرر غال عمل للأمير فخر الدين بالقصد ، من بعض الأماكن الجارية في اقطاعه ، فسير له منه حملا وقال : هذا يشربه غلمان الشيخ شرف الدين ، فلما جاءه السكر عمله جميعه حلوى منوعة ، وكان في خدمته حلاوي من الشام ماهر في صناعته ، وسير الحلوى للأمير فخر الدين ، فلما أكل منها أعجبته إعجابا كثيرا ، ورأى لها طعما غريبا لم يعهد في غيرها ، فأحضر الحلاوي الذي في المطبخ نفسه ، وأطعمه من تلك الحلوى ، ورام منه أن يعمل مثلها ، فقال : ما أدري ما هذه ، ولا أعرف كيف عملت ، ثم سأل لمن ساعد حلاوي شرف الدين على عملها عن