العسكر ، فاتفق أن حضرت عند فراشه ليلة اليوم الذي عمل على الركوب فيه جارية تسمى إنفراد وكان يتحظاها ويقدمها على سواها من سرياته وهن أربعمائة جارية ، فتتبعتها نفسه ، وواقعها فلما فرغ سقط عنها وقد جف نصفه ، وبادرت الجارية إلى أخته فأعلمتها صورته ، فدخلت إليه وهو يجود بنفسه ، واستدعت طبيبيه فحضرا وشاهداه ، وتعرفا المسبب فيما لحقه فعرفاه (١) ، وأشارا بسجر (٢) الند والعنبر حوله إلى أن يفيق قليلا وتثوب قوته ، فلما كان ذلك عادا إليه ، وقال التفليسي : أعطني أيها الأمير يدك لآخذ مجستك ، فأعطاه اليسرى ، فقال : يا مولانا اليمين ، فقال : يا تفليسي ما تركت لي اليمين يمينا ، ومضت عليه ثلاث ليال قضى بعد أن قلد عهده أبا الفضائل ولده ، ووصى إلى لؤلؤ الكبير به وبأبي الهيجاء ولده الآخر ، وست الناس أخته ، وحمل تابوته إلى الرقة ودفن في المشهد ظاهرها.
ونصب لؤلؤ ولده أبا الفضائل في الأمر ، وأخذ له البيعة على الجند بعد أبيه في شهر رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة ، وتراجعت العساكر عند ذلك إلى حلب واستأمن منها إلى العزيز بالله : وفيّ (٣) الصقلبي في ثلاثمائة غلام ، وبشارة الإخشيدي في أربعمائة غلام [ورباح السيفي](٤) وقوم آخرون فقبلهم وأحسن إليهم ، وولى بشارة طبرية ووفيّا عكا ، ورباحا قيسارية ، وقد كان أبو الحسن بن المغربي بعد حصوله في المشهد في الكوفة كاتب العزيز وصار بعد المكاتبة إلى حضرته ، فلما حدث لسعد الدولة حادث الوفاة عظم أمر حلب عنده ، وكبر في نفسه أحوالها ، وهون عليه حصولها (٥) [٢٩ و].
__________________
(١) أي سألا عن السبب فأوضح لهما.
(٢) في الأصل «بشجر الند» وهو تصحيف صوابه ما أثبتناه ، أي أشارا باحراق الند.
(٣) في الأصل : رقي ، وهو تصحيف صوابه من مرآة الزمان ـ حوادث سنة ٣٨١ ـ.
(٤) زيد ما بين الحاصرتين من مرآة الزمان ـ حوادث سنة ٣٨١.
(٥) في مرآة الزمان ـ حوادث سنة ٣٨١ ـ «وهون عليه حصونها» وهو وجه مرجح على ما جاء في المتن.