ولاية القائد منير الخادم ومنجوتكين دمشق
والسبب في ذلك وما آلت إليه أحوالها في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وما بعدها :
قد تقدم من شرح السبب في ولاية القائد منير دمشق ما فيه كفاية عن إعادة القول فيه ، ومن دخوله في يوم الخميس السابع عشر من رجب سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة ، ولما توفي الوزير أبو الفرج يعقوب بن كلس كان قد بقي له من أصحابه على ماله ومال السلطان رجل يعرف بابن أبي العود الصغير ، وكان شديد المعاندة للقائد منير الوالي يرفع عليه إلى مصر بأنه عاص يكاتب سلطان بغداد وصاحب حلب ، فلما كثرت سعايته إلى العزيز اصطنع بعض غلمانه الأتراك رجلا يقال له منجوتكين ، فقدمه وأعطاه مالا وآنية وسلاحا ورجالا وولاه الشام ، فلما صح عند منير الخادم ذاك من أبي العود أنفذ إليه من قتله وكاشف بالعصيان والخلاف للضرورة القائدة له إلى ذلك ، وكان لابن أبي العود عند العزيز رتبة متمكنة ومنزلة متمهدة ، فلما خرج العسكر مع منجوتكين من مصر ووصل إلى الرملة ، ووصل إليه بشارة والي طبرية في عسكره ، ووصل إلى دمشق وكان منير قد جمع رجالة من أحداث البلد من حمال السلاح وطلاب الشر والفساد واستعد للحرب وتأهب للقاء.
وبلغ منجوتكين وهو بالرملة أن أهل دمشق يريدون القتال مع منير الوالي ، فجمع النفاطين بالرملة على أن يسيروا معه إلى دمشق لحرقها ، فلما وصل نزال (١) إلى دمشق من طرابلس أخذ في الجبال عرضا ، فخرج من مرج عذراء وأرسل إلى منير «إني لم أصل إلا لإصلاح أمرك» فعلم منير أنه يريد الحيلة عليه والمكر به ليصل العسكر من الرملة ويحيط به ، وقد كان نفذ كتاب ابن أبي هشام (٢) من دمشق إلى منشا بن
__________________
(١) يفيد هذا أن القاهرة كتبت إلى واليها في طرابلس لمساندة حملتها ضد دمشق.
(٢) ليس بالمتيسر من المصادر ما يبين هويته ويعرفنا به.