له : هو رجل بخيل ، فربما غدر بك ولم يف بوعده ، والصواب أن تقصد سعد الدولة وتأخذ منه عاجلا ما يعطيك ، فركب البدوي إلى عسكر سعد الدولة وصاح «نصيحة» فأحضر إلى حضرته ، فقال له : ما نصيحتك؟ قال : ما جزاء من يسلم بكجور؟ قال : حكمه ، قال : فهو عندي أريد عنه مائتي فدان زراعة ومائة ألف درهم ومائة راحلة تحمل حنطة ، وخمسين قطعة ثيابا ، قال سعد الدولة : وكل ذلك لك ، قال : وثق لي منه ، وعرف لؤلؤ الجراحي خبر البدوي ، فتحامل وهو مثخن بالضربة التي أصابته ، ومشى متوكيا على غلمانه حتى حضر بين يدي (٢٧ ظ) سعد الدولة ، فقال : يا مولاي ما يقول هذا؟ قال : يقول إن بكجور عنده ، وقد طلب ما أجبناه إليه ، وهو ماض لإحضاره ، فقبض لؤلؤ على يد البدوي ، وقال له : أين أهلك؟ قال : في المرج على فرسخ ، فاستدعى جماعة من الغلمان وقدم عليهم إقبالا الشفيعي وأمرهم أن يرتقوا رؤوس الجبال حتى يوافوا الحلة ، ويقبضوا على بكجور ويحملوه وهو قابض على يده ، والبدوي يستغيث بسعد الدولة ، ثم تقدم إلى سعد الدولة وقال : يا مولانا لا تنكر علي فعلي ، فإنه كان مني عن استظهار في خدمتك ، ولو عاد هذا البدوي إلى أهله وأحس بكجور بما فيه لأعطاه الرغائب على تخليصه ولا نأمن أن يقبل ذاك منه ، والذي طلبه البدوي مبذول له ، وما ضرنا الإحتياط في التمسك به إلى أن يوافينا فنعطيه حينئذ ، ونفي له بما وعدناه ، فقال : أحسنت يا أبا محمد لله درك ، ولم يمض ساعات حتى عادت النجب مبشرة بحصول بكجور ، ووافى بعدها إقبال الشفيعي وهو معه ، فوقف به من وراء السرادق ، واستأذنه في إدخاله إليه وأنفذ سعد الدولة إلى لؤلؤ وما قال له : ما رأيك في بكجور؟ قال : ضرب عنقه لوقته لو جاءت سناء الزينة ست الناس ـ يعني أخت سعد الدولة ـ واستوهبته منك فوهبته لها لكان لنا شغل مجدد ، فأمر سعد الدولة فرجا العدلي وكان سيافه فضرب عنقه وعنق ابن الخفاني ، وكان قد حصل في الأسر وحملها إلى الموضع المعروف بحصن الناعورة فصلبهما بأرجلهما ،