ولا حيلة انهزم في سبعة نفر من غلمانه صوب حلب ، واستولى القتل والأسر على أصحابه وتم على الهزيمة ، وقد رمى عن نفسه جوشنه وعن فرسه تجافيفه وقد فعل من كان معه مثل فعله ، وكان الفرس الذي تحته من الخيول التي أعدها لمثل (٢٧ و) ما حصل فيه وثمنه عليه ألف دينار ، ووافى إلى رحا تعرف بالقيريمي على فرسخ من حلب مقابلي (١) قنسرين ، ولها ساقية تحمل إليها سعتها قدر ذراعين (٢) في سمك ذراع ، فحمل الفرس على أن يعبرها خوضا ووثبا فلم يكن فيه وأجهده ، ووقف به وناداه غلمانه : «إن الخيل قد أدركتنا» ولحقهم عشرة فوارس من العرب فأرجلوهم عن دوابهم ، وسلبوهم ثيابهم ، ولم يعرفوا بكجور وعادوا عنهم ، وبقي بكجور وغلمانه عراة فلجأوا إلى الرحا واستجاروا بصاحبها فأدخلهم إليها ، وجاءت سرية أخرى من العرب تطلب النهب فظنوا أن مع الغلمان الذين في الرحا ما يغنمونه منهم ، فطالبوا صاحبها بتسلميهم فأعلمهم أنهم عراة ، فقالوا : إن شاهدناهم على ما ذكرت تركناهم وإلا أحرقنا الرحا ، ففتح الباب وأخرجهم إليهم فلما رأوا حالهم خلوا عنهم ، ومضى بكجور وغلمان معه من غلمانه إلى براح (٣) فيه زرع حنطة ، فطرح نفسه فيه ، ومر قوم من العرب ، فظنوا أن معهم ما يفوزون به ، فعدلوا إليهم ، وكان فيهم رجل من قطن يعرفه بكجور ، فقال له : أتعرفني؟ قال : لا ، قال : أذمم لي حتى أعرفك نفسي ، فأذم له ، قال له ، أنا بكجور فاصطنعني واحملني إلى الرقة ، فإنني أوقر بعيرك ذهبا وأعطيك كل ما تقترحه ، قال : أفعل ، فأردفه وحمله إلى بيته وكساه قميصا وفروا وعمامة ، وكان سعد الدولة قد بث الخيل في طلب بكجور ونادى : «من أحضر بكجور فله مطلبه» فلما حصل بكجور في بيت البدوي ساء ظنه به ، وطمع فيما كان سعد الدولة بذله فيه ، واستشار ابن عم له في أمره ، فقال :
__________________
(١) كذا بالأصل وقد تكون تصحيف «مما يلي».
(٢) في زبدة الحلب : ١ / ١٧٩ «على نهر قويق».
(٣) الأرض الظاهرة ـ النهاية لابن الأثير.