ومن يقتحمه معه من صناديد غلمانه ويوقع به ، واعتقد أنه إذا فعل ذلك كبس الموضع وانهزم الناس ، ملك (١).
فاختار من غلمانه من ارتضاه ووثق به بحسن البلاء منه وقال لهم : قد تورطنا من هذه الحرب ما عرفتموه ، وحصلنا على شرف الهزيمة ، وذهاب النفوس ، وقد عزمت على كذا وكذا ، فإن ساعدتموني رجوت أن يكون الفتح على أيديكم والأثر لكم ، فقالوا : نحن طوعك وما نرغب بنفوسنا عن نفسك ، وبادر واحد ممن سمع الكلام منه إلى لؤلؤ الجراحي ، فاستأمن إليه ، وأعلمه بالصورة ، فأسرع لؤلؤ إلى سعد الدولة ، وأخذ الراية من يده ، ووقف في موضعه ، وقال : تهب لي يا مولاي هذا المكان اليوم ، وتنتقل إلى مكاني عنه ، فإن بكجور أيس من نفسه وقد حدثها بأن يقصدك ويقع عليك ، ويوقع بك ، ويجعل ذلك طريقا إلى فل عسكرك ، وقد عرفت ذلك من جهة لا أشك فيه (٢) وسيفعل ولئن أفديك بنفسي وأكون وقاية لك ولدولتك أولى من التعريض بك ، فانتقل سعد الدولة والعمارية (٣) في ظهره والراية في يده ، وجال بكجور في أربعمائة فارس من الغلمان عليهم الكذاغندات والخوذ وبأيديهم السيوف وعلى خيلهم التجافيف ، وحمل في عقب جولته حملة أفرجت له بها العساكر واللتوت ، ولم يزل يضرب بالسيف حتى وافى إلى لؤلؤ فضربه على الخوذة في رأسه ووقع لؤلؤ إلى الأرض ، وحمل العسكر على بكجور ، وبادر سعد الدولة إلى مكانه مظهرا نفسه لغلمانه ، فلما رأوه قويت نفوسهم وثبتت أقدامهم ، واشتدوا في القتال حتى استفرغ بكجور جهده ووسعه ، ولم يبق له قدرة
__________________
(١) في الأصل «وملك» وهذا يعني وجود بقية للكلام سقطت من الأصل أو أن الواو زائدة ، ونظرا لعدم توفر ما يساعد على البت في هذا الأمر في المصادر المتوفرة ، آثرت حذف الواو كيما يستقيم السياق. انظر تاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي : ١٧٣. زبدة الحلب : ١ / ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٢) كذا في الأصل ، والأصح «فيها».
(٣) غالبا ما كانت عبارة عن دمية أو ما يشبهها تمثل سيدة ـ ظعينة ـ مزينة بالذهب والحلي المختلفة توضع على ظهر جمل ويجلس تحت ثوبها أو خلفه أحد السادة يحركها حركات خاصة ، ويلتف حولها الفرسان للدفاع عنها والقتال دونها ، وما تزال عادة حمل العمارية قائمة ، شاهدتها مرارا في مدينة حماة.