وفيها توفي أبو الحسن الطبيب السامري وزير الصالح أيوب الكوراني ، وهو الذي كان سببا لزوال دولته ، وإخماد جمرته ، وقد ذكرنا فظائعه مفرقة في السنين ، فسبحان من أراح منه المسلمين ، وما كان مسلما ولا سامريا ، بل كان يتستر بالإسلام ، ويبالغ في هدم شريعة المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، وبلغني أن الشيخ إسماعيل الكوراني رحمهالله قال له يوما وقد زاره : لو بقيت على دينك كان أصلح لأنك تتمسك بدين في الجملة ، أما الآن فأنت مذبذب لا إلى هؤلاء ، ولا إلى هؤلاء ، وقد ذكره محمد بن سعد في قصيدته التي ذكرناها في سنة خمسين وستمائة ، وقد ذكرنا أنه شنق وعجل الله بروحه إلى أسفل الدركات ، وما كان شنقه علوا في الحياة بل خفضا ولعنة في الممات ، ولقد ظهر له من الأموال والجواهر واليواقيت والتحف والذخائر ما لا يوجد في خزائن الخلفاء ، ولا السلاطين ، وأقاموا ينقلونه مدة سنين ، فبلغني أن قيمة ما ظهر ثلاثة آلاف ألف دينار ، غير الودائع التي كانت له عند أصدقائه والتجار ، ووجد له عشرة آلاف مجلد من الكتب النفيسة ، والخطوط المنسوبة فتمزق الجميع في زمان يسير ، وأذهبه الله تعالى في أقل زمن ، والحمد لله وحده ، وصلى على أشرف خلقه محمد ، وعلى آله وصحبه.
السنة التاسعة والأربعون وستمائة
وفيها عاد الملك الناصر صلاح الدين من غزة : ، والساحل ، ونابلس ، وحكم البلاد على قوانين الشريعة ، وجهز الملك الناصر عسكره ، جاءته النجدة ، وعاد الترك إلى مصر ، وأقام العسكر على غزة مدة سنين وشهور وترددت الرسائل بينهم وخرجت السنة والتي بعدها على هذا.
فصل
وفيها أخذ ابن العادل الكرك والشوبك أعطاه إياهما الخادم ، وقد خرج أقطاي من القاهرة في ألف فارس فنزل غزة.