وحكى الأمير حسام الدين بن أبي علي قال : كان تورانشاه متخلعا لا يصلح للملك ، كان يقال للصالح نجم الدين ما تنفذ تحضره إلى هاهنا؟ فيقول : دعوني من هذا ، فالححنا عليه يوما فقال : أجيبه إلى هاهنا أقتله.
وحكى العماد بن درباس قال : رأى جماعة من أصحابنا الملك الصالح أيوب في المنام وهو يقول :
قتلوه شر قتلة |
|
صار للعالم مثله |
ولم يراعوا فيه إلّا |
|
لا ولا من كان قبله |
ستراهم عن قليل |
|
لأقل الناس أكله |
كانوا قد جمعوا في قتله ثلاثة : السيف ، والنار ، والماء ، فإنهم قتلوه وقد إلتجأ إلى البحر ، وخطب لأم خليل على المنابر بالقاهرة ، ومصر.
فصل
وفيها توفي شمس الدين لؤلؤ بن عبد الله مقدم عسكر حلب كان أميرا حسنا ، صالحا ، عابدا ، زاهدا مدبرا ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وقد كان يحكي واقعات جرت له ، منها قوله عن بركة خان أريد رأسه فكان كما قال ، وحكي لي أنه لما كان على حمص ، جاء ومعه جماعة إلى البحيرة ، ومعهم مقلي وزيت ، يصيد سمكا فرموا الشبكة فلم يصعد فيها شيء ، قال : وكنت واقفا على ظهر فرسي ، فقلت : نرجع بغير شيء ، وإذا بسمكة كبيرة قد خرجت من الماء ، وجاءت فوقفت بين يدي فرسي ، وبلغني أنه قال : أنا سجدت سجدة في حلب أخذت دمشق ، وأسجد أخرى في دمشق آخذ مصر ، ومن هذا الجنس شيئا كثيرا وكان يدعى ذلك كرامات ، وإنما كان يخبر عن نفسه وما به بأس أبدا ، قال الله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (١) إلا أنه قتل قتلة شنيعة ، وبقي مدة لا يوارى ، وكان قد لج في الدخول إلى مصر لجاجا لا يدارى ، فغفر الله تعالى ذنبه فإنه لم يزل غفارا.