أبيه بأسمائهم ، وقدم الأرذال ، وأبعد الأماثل ، وأهان مماليك أبيه الكبار ، وكان قد وعد أقطاي أنه يؤمره ولم يف له ، فاستوحش منه ، وكانت أم خليل لما وصل إلى القدس مضت إلى القاهرة فبعث يهددها ويطلب المال والجواهر ، فخافت منه واتفقت معهم على ما قالوا.
ذكر مقتله
لما كان يوم الاثنين سابع عشرين محرم جلس على السماط ، فضربه بعض المماليك البحرية بالسيف فالتقاه بيده فقطع بعض أصابعه ، وقام فدخل البرج وصاح : من جرحني؟ فقالوا : الحشيشية ، قال : لا والله إلا البحرية ، والله لا أبقيت منهم بقية ، واستدعى المزين فخيط يده ، وهو يتوعدهم فقال بعضهم لبعض : تمموه وإلّا أبادكم فدخلوا عليه فانهزم إلى أعلى البرج ، فأوقدوا النيران حول البرج ، ورموه بالنشاب فرمى بنفسه وهرب نحو البحر وهو يقول : ما أريد الملك دعوني أرجع إلى الحصن يا مسلمين ما فيكم من يصطنعني ويجيرني ، والعساكر كلها واقفة فما أجابه أحد ، والنشاب يأخذه وكذا لما صعد إلى البرج رموه بالنشاب ، فتعلق بذيل أقطاي فما أجاره فقطعوه قطعا ، وبقي على جانب البحر ثلاثة أيام منتفخا ما يتجاسر أحد أن يدفعه حتى شفع فيه رسول الخليفة ، فحمل إلى ذاك الجانب فدفن ، ولما قتلوه دخلوا على الأفرنسيس الخيمة بالسيوف وقالوا : نريد المال ، فقال : نعم فأطلقوه ، وسار إلى عكا على ما اتفقوا عليه معه ، وكان الذين باشروا قتله أربعة.
قال سعد الدين مسعود ابن تاج الدين شيخ الشيوخ : حكى لي رجل صادق أن أباه الملك الصالح أيوب ، قال لمحسن الخادم : اذهب إلى أخي العادل إلى الحبس ، وخذ معك من المماليك من يخنقه ، فعرض المحسن ذلك على جميع المماليك فامتنعوا بأسرهم إلّا هؤلاء الأربعة ، فإنهم مضوا معه وخنقوه ، فسلطهم الله على ولده حتى قتلوه أقبح قتلة ، ومثلوا به أعظم مثلة مثلما فعل بأخيه.