الناس صورة ، فقال أبوه : بالله اشنقوني قبله ، وبلغ الصالح فقال : لا إلّا اشنقوا الابن قبله ، ففعلوا وقامت على العسكر القيامة ، ودعوا على أيوب ، وبلغني أن مماليكه أرادوا قتله ، فقال لهم ابن الشيخ : اصبروا عليه فهو على شفا ، فإن مات فقد استرحتم منه ، وإلّا فهو بين أيديكم ، وقتل نجم الدين ابن شيخ الإسلام ، وقال الصالح أيوب لابن الشيخ والعسكر : أما قدرتم تقفوا ساعة بين الأفرنج ، ولا قتل من العسكر إلّا هذا الضعيف يعني ابن شيخ الاسلام ، وكان قد قفز من الكرك إلى مصر ، وأسرها الصالح في نفسه ، ولو عاش لأهلك ابن الشيخ وغيره ، ولما كان هجمها الفرنج من باب ، وخرج ابن الشيخ والعسكر من باب ، فظنوا أنها مكيدة ، فتوقفوا ، ثم تيقنوا عجز المسلمين ، وخرج أهل دمياط حفاة عراة عطاشا جياعا ، فقراء حيارى ، النساء والأطفال ، وكان قد سلم لهم ما يعيشون فيه ، فنهبهم في طريق القاهرة.
وفي ليلة النصف من شعبان مات الصالح أيوب بالمنصورة ، وكانت أم خليل عنده ، وهي مدبرة للأمور ، فلم تغير شيئا من الدهليز بحاله ، والسماط كل يوم يمد والأمراء في الخدمة ، وهي تقول السلطان مريض ما يصل أحد إليه ، وبعثوا إلى الملك المعظم تورانشاه ابن الصالح أيوب إلى حصن كيفا اقطاي مملوك الصالح أيوب ، فخرج به من حصن كيفا ، وسلك البرية ، وخاطر بنفسه ، وكاد يهلك من العطش ، ووصل إلى دمشق في آخر رمضان ، وخلع على الدماشقة وأعطاهم الأموال ، وأحسن إليهم ، وما سئل شيئا ، فقال لا ، وبلغني أنه كان في قلعة دمشق ثلاثمائة ألف دينار ، فأخرجها واستدعى من الكرك مالا نفقة.
وفي ذي القعدة كانت وقعة عظيمة على المنصورة ، ووصل الفرنج إلى الدهليز ، وخرج فخر الدين بن الشيخ ، فقاتل فقتل ، وانهزمت العساكر من بين أيديهم ، ثم استحى المسلمون ، فعادوا على الفرنج فقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، وصار المعظم تورانشاه إلى مصر بعد أن أقام بدمشق