وكان الصالح أيوب قد حبسه في مصر ، فخلصته من يده بعد اللتيا والتي ، وجعلت خلاصه من الصالح ضيافتي وفائدتي ، وكان فطنا يقول الشعر وقد رثى العماد الحنبلي.
فصل
وفيها توفي أبو بكر ، الملقب بالعادل بن الكامل ، أخو الصالح نجم الدين أيوب ، ذكر سعد الدين مسعود بن تاج الدين شيخ الشيخ بن حموية وقال : وفي خامس شوال سنة ست وأربعين وستمائة جهز الصالح أخاه أبا بكر العادل ، ونفاه إلى الشوبك ، وبعث إليه الخادم محسن ، فدخل عليه الحبس ، وقال :
السلطان يقول : لابد من رواحك إلى الشوبك ، فقال : إن أردتم تقتلوني في الشوبك فها هنا أولى ، ولا أروح أبدا ، فعذله محسن فرماه بدواة كانت عنده ، فخرج وعرف الصالح أيوب ، فقال : دبر أمره ، فأخذ ثلاثة مماليك ودخلوا عليه ليلة الإثنين ثاني عشر شوال فخنقوه بشاش علمه وعلقوه به ، وأظهروا أنه خنق نفسه ، وأخرجوا جنازته مثل بعض الغرباء ، ولم يتجاسر أحد أن يترحم عليه ، أو يبكي حول نعشه ، ودفن بتربة شمس الدولة.
قلت : سبحان الله الحكم العدل الذي لا يحيف في قضائه ، ولا يحكم عليه أحد في أمر قضائه ، وإمضائه فإنه لم تطل مدة أيوب لأنه توفي في نصف شعبان سنة سبع وأربعين وستمائة ، وقتل أخوه في شوال سنة ست وأربعين وستمائة ، بينهما عشرة أشهر ، رأى بنفسه فيها العبر ، ولا نفعه الإحتراز والحذر ، وبعد أن أذاقه كؤوس حتوفه ، قتل مماليكه ولده تورانشاه بسيوفه انتهى ، والحمد لله وحده وصلى على أشرف خلقه محمد وآله وصحبه وسلم.
السنة السابعة والأربعون وستمائة
وفيها توجه الصالح أيوب من دمشق إلى مصر في المحفة مريضا