الأرض وقال : هذا آخر عهدي ، ولم يتكلم بعدها حتى مات بباب النصر فياليته عاش حتى رأى في أعدائه العبر.
وأما ابن مطروح فرأى الذل والهوان ، ولعب به القدر ، ولم يمت حتى ذهب منه البصر ، وأما غيره فانتثر لحمه عن عظامه ، وارتحل بآثامه ، ولما سعى إبراهيم بعز الدين سعى بحاشيته ، وقال : عندهم أمواله مثل : البرهان كاتبه ، وابن الموصلي صاحب ديوانه ، والبدر الخادم ، ومسرور ، وغيرهم فأمر أيوب بحملهم إلى مصر ، فأما البرهان فإنه من خوفه يوم أخرج ليتوجه إلى مصر فمات بمسجد النارنج والباقون فحملوا إلى مصر ، ولم يظهر عليهم مما قيل درهم واحد ، ورجعوا إلى دمشق بعد وفاة أيوب ، وقد لاقوا الشدائد ، وختم للأمير عز الدين بالشهادة كما عاش في دنياه تحت تلك السعادة ، وكنت قد عزمت على نقله إلى دمشق ، ودفنه في تربته فأتاح الله بعض مماليكه فحملناه في تابوت ، ودفناه في قبته بين العلماء والفقهاء ، والمحدثين ، والفقراء ، وأعطاه الله في آخرته ما كان يتمنى في دنياه ، وأناله أرفع الدرجات ، والأعمال بالنيات ، ولقد كان كثير الصدقات ، عظيم الصلات ، اشتراه المعظم في سنة سبع وستمائة ، ونحن على الطور ، وفوض إليه استاذ داريته ، وظهر منه من العقل والسداد ما أوجب تقديمه على الأولاد ، وأعطاه قلعة صرخد ، وأقام بها يضاهي الملوك ، ولا فرق عنده بين الغني والصعلوك ، وقيل إنه مات في سنة سبع وأربعين وستمائة ، السنة التي مات فيها أيوب رحمة الله عليهما.
فصل
وفيها توفي شهاب الدين غازي ، وقد ذكرناه في عدة أماكن ، وكان شجاعا ، شهما ، جوادا ، اجتمعت به في الرها سنة اثنتي عشرة وستمائة ، وأنا قاصد إلى خلاط ، فحضر مجلسي بجامع الرها ، وكان يوما مشهودا ، وأحسن إليّ وخدمني ، وكان حفظه لطيفا ، ينشد الأشعار ، ويحكي الحكايات ، وقد ذكرنا حجه على العراق ، حكى عنه سعد الدين مسعود بن