خان أسيرا ، أو نحمل رأسه إليك؟ قال : فقلت : رأسه كأن الله أنطقني ، والتقينا فلما كان بعد ساعة ، وإذا بواحد من أصحابنا يحمل رأسا مليح الصورة ، وليس في وجهه سوى شعرات يسيرة ، ولم يعرفه ولا نحن ، وانهزموا ، وجيء بطائفة منهم أسارى ، فلما رأوا الرأس ، رموا نفوسهم ، وبكوا فعلمنا حينئذ أنه رأسه ، فبعثنا به إلى حلب ......
وفيها توفي عماد الدين بن داود بن موسك ، وكان ابن الشيخ فخر الدين قد شفع فيه إلى الملك الناصر ، فأخرجه من الحبس ، وكان قد خرج في حلقه خراج عظيم ، فبط بغير اختياره ، وحشي الدواء الهالك فمات بالكرك ، وحمل إلى مساجد جعفر بن أبي طالب ، فدفن هناك رحمة الله عليه ، لأنه كان جمع بين الأصالة والجلالة ، والفتوة ، والمروءة الزائدة ، والعصبية ، والنفس الطاهرة ، فكم أغاث ملهوفا ، وكم أعان مكروبا ، وكان الناصر اتهمه بالرواح إلى مصر ، وو الله قد برأك الله من الغدر والخيانة يا عماد الدين كما برئت عائشة أم المؤمنين ، وأقول :
هيهات أن يأتي الزمان بمثله |
|
إن الزمان بمثله لبخيل |
وختم الله أعماله بأن مات فقيرا مثل بعض فقراء المسلمين.
ومات الركن الهيجاوي في مصر في الحبس ، وكان قد قفز إلى دمشق من غير عادة ، وكان الصالح أيوب قد أحسن إليه ، وقدمه على العساكر والحمد لله.
السنة الخامسة والأربعون وستمائة
وفيها تسلم نواب الصالح أيوب قلعة الصبيبة من نواب الملك العزيز ، وأقطعه بمصر اقطاعا ، وأعطاه مائة ألف درهم ، وخمسمائة قطعة قماش ، وخبزا لمائة وخمسين فارسا ، ونازل فخر الدين ابن الشيخ طبرية ففتحها عنوة ، وحاصر عسقلان ، وقد قاتل عليها قتالا عظيما ، وفتحها في جمادى الآخرة وتسلم نواب الصالح شميميس من ابن صاحب