ومضى إلى بصرى ، وصعد إلى صرخد ، ونزل إليه عز الدين أيبك العميد ، وتسلم الصالح صرخد ، وأقام عز الدين في ميدانها أياما ، وقدم دمشق في ذي الحجة ، فنزل بالنيرب ، وكتب له منشورا بقرقيسيا ، والمجدل ، وضياعا في الخابور ، فلم يحصل له منها شيء ، وتوجه الصالح أيوب إلى مصر ، وتصدق في القدس بألفي دينار مصرية ، وأمر بعمارة القدس ، وذرع وكان ستة آلاف ذراعا بالهاشمية ، فقال : اصرفوا مغل القدس في عمارته ، وكنت لما أطلقه الناصر من الحبس ، وجاء إلى القدس أخذت يده على ذلك.
فصل
وفيها توفي الملك المنصور صاحب حمص ، واسمه إبراهيم بن شيركوه ، وكان شجاعا مقداما ، وكان موافقا للصالح إسماعيل ، ومصاهرا له ، ثم ألفته عنه الصالح أيوب ، وقدم دمشق فنزل بستان سامة.
وحدثني جماعة من الدماشقة أنه عامل على دمشق ، ولو عاش أياما لأخذها ، فمرض وحمل إلى النيرب ، فنزل ببستان الأشرف ، فتوفي به يوم الأربعاء حادي عشر صفر ، وحمل في تابوت إلى حمص ، فكانت ولايته بعد وفاة أبيه عشر سنين ، وأخذت منه كما نذكر.
وفيها توفي بركة خان الخوارزمي ، أحد الخانات الأربعة ، وكان أصلحهم في الميل إلى الخير ، والرفق بالناس ، وكان الصالح أيوب قد صاهره وأحسن إليه ، وجرى منه عليه ما جرى ، ولما قتل انحل نظام الخوارزمية ، وأمنت البلاد والعباد.
حكى لي شمس الدين لؤلؤ لما أخذوا دمشق في سنة ثمان وأربعين وستمائة ، وكان يزورني ، زارني يوما ، فحكى حديث بركة خان ، قال : لما التقينا على حمص رأيتهم خلقا عظيما ، نحن بالنسبة إليهم كالشامة السوداء في الثور الأبيض ، فقال لي غلماني : أيما أحب إليك نأخذ بركة