محبوسة ثلاث سنين بقلعة دمشق ، ودخلت مع نواب الصالح في قضيتها وبالغت في أمرها ، وأطلقت من الحبس وتزوجت بابن صاحب حمص الملك الأشرف ، وسافر بها إلى الرحبة وتل باشر ، فتوفيت في سنة ثلاث وخمسين وستمائة ، غريبة من الأهل والعشائر وظهر لها بدمشق من المال والذخائر واليواقيت والجواهر ما يساوي ستمائة ألف درهم على ما قيل ، غير الأوقاف والأملاك ، فإن الدنيا تكون عاقبتها الهلاك ، ومع هذا فكانت فاضلة صالحة دينة عفيفة ، ولها تصانيف ومجموعات وتآليف.
فصل
وفيها توفي أمين الدين الحلبي الكاتب ، واسمه عبد المحسن بن حمود بن عبد المحسن ، أبو الفضل كان كاتبا لعز الدين أيبك ، وكان فاضلا بارعا دينا صالحا ، حسن الخط ، ذا مروءة وفضائل جمة ، وله تصانيف كثيرة وأنشدني لما نزل الفرنج على الطور في سنة أربع عشرة وستمائة :
قل للخليفة لا زالت عساكره |
|
لها إلى النصر إصدار وإيراد |
إن الفرنج بحصن الطور قد نزلوا |
|
لا تغفلن فإن الطور بغداد |
السنة الرابعة والأربعون وستمائة
وفي رابع المحرم كسر الخوارزمية على بحيرة حمص لما بعث الصالح أيوب الملك المنصور إليه واقتطعه عن الصالح إسماعيل ، كتب إلى الحلبيين يقول : هؤلاء الخوارزمية قد أخربوا البلاد ، والمصلحة أن نتفق عليهم ، فأجابوه ، وخرج شمس الدين لؤلؤ بالعساكر من حلب ، وصاحب حمص بالعرب والتركمان ، وخرج إليهم عسكر دمشق ، واجتمعوا كلهم على حمص ، واتفق الصالح إسماعيل والخوارزمية ، والملك إسماعيل ، والملك الناصر ، وعز الدين أيبك ، واجتمعوا على مرج صفر ، ولم ينزل الناصر من الكرك ، وإنما بعث عساكره ، وبلغهم أن صاحب حمص يريد قصدهم ، فقال بركة خان : دمشق لا تفوتنا ،