والمصلحة أن نسير إليهم ، فساروا والتقوا على بحيرة حمص يوم الجمعة سابع محرم ، أو في ثامنه ، فكانت الدبرة عليهم ، فقتل بركة خان ، وهرب إسماعيل ، وعز الدين أيبك ، ومن سلم من العسكر عرايا جياعا ، وقد نهبت أموالهم ، ووصلوا إلى حوران وساق صاحب حمص إلى بعلبك ، وأخذ الربض ، وسلمه إلى ناصر الدين القيمري ، وجمال الدين هارون ، وعاد إلى حمص ، وودع الحلبيين ، وساروا إلى حلب ، وجاء الملك المنصور إلى دمشق في خدمة الصالح أيوب ، فنزل ببستان سامة ، ومضت طائفة من الخوارزمية إلى البلقاء ، ونزل إليهم الملك الناصر من الكرك ، وصاهرهم ، واستخدمهم وأطلع عائلتهم إلى الصلت ، وكذا فعل عز الدين ، وساروا ، ونزلوا نابلس ، واستولوا عليها ، ومرض صاحب حمص بدمشق ، فتوفي بالنيرب ، وحمل إلى حمص.
وجهز الصالح أيوب فخر الدين ابن الشيخ بالعساكر إلى الشام ، فلما وصل غزة عاد من كان بنابلس من الخوارزمية إلى الصلت ، فقصدهم ابن الشيخ ، وقاتلهم فكسرهم ، وبدد شملهم وكان الناصر معهم ، فعاد إلى الكرك ، وتبعه الخوارزمية فلم يمنكهم من صعود القلعة ، ولا الربض ، وأحرق ابن الشيخ الصلت ، وساق فنزل على الكرك ، وطلع عز الدين وكان مع الناصر إلى صرخد ، فتحصن بها وكان كسرة ابن الشيخ للخوارزمية على الصلت سابع عشر ربيع الآخر في هذه السنة ، ونزل ابن الشيخ على وادي الكرك ، وقابل الناصر ، وكتب إليه الناصر يقول :
غدور على قيس لخفر جواره |
|
لأمنع عرضي إن عرضي ممنع |
وكان عبد الناصر صبي أمرد مستحسن من الخوارزمية ، يقال له طاش بورك بن خان ، فطلبه ابن الشيخ ، فقال الناصر : هذا صوته طيب قد أخذته ليقرأ عندي القرآن ، فكتب إليه ابن الشيخ كتابا غليظا شنيعا ، وذكر غدره وإيمانه وخبثه وأنشده :