السنة الثالثة والأربعون وستمائة
وفيها حصر معين الدين بن الشيخ والخوارزمية دمشق وضايقوها ، وقطعت الخوارزمية على الناس الطرق ، وزحفوا على البلد من كل ناحية ، وفي يوم الاثنين ثامن محرم بعث الصالح إسماعيل إلى معين الدين ابن الشيخ سجادة وإبريقا ، وعكازا ، وقال : اشتغالك بهذا أولى من اشتغالك بقتل الملوك ، فبعث إليه ابن الشيخ بجنك ، وزمر ، وغلالة ، حرير أحمر وأصفر ، وقال : السجادة تصلح لي ، وأنت أولى بالغلالة ، والجنك والزمر ، وأصبح ابن الشيخ ، فركب بالعساكر ، وزحفوا من كل ناحية ورموا النيران في قصر حجاج ، وضربوا المناجيق ، وكان يوما عظيما ، وبعث إسماعيل الزراقين يوم الثلاثاء تاسع المحرم فأحرقوا جوسق العادل ، ومنه إلى زقاق الرمان العتيقة بأسرها ، ونهبت أموال الناس ، ورموا على الطرق فاحترق بعضهم.
وحكي أن رجلا كان له عشر بنات أبكار ، فقال لهن : اخرجن ، فقلن : لا والله الحريق أولى من الفضيحة ، فاحترقت الدار ، واحترقن ، ولم يخرجن ، وجري على الناس ما لم يجر في بلد آخر.
وفي ربيع الآخر ، خرج المنصور صاحب حمص من دمشق إلى ظاهرها ، واجتمع ببركة خان ، واستبشر الناس باجتماعهما ، وعاد المنصور إلى دمشق ، وفي جمادى الأولى فتحت دمشق ، بعث السامري إلى ابن الشيخ يطلب منه من ملبوسه ، فبعث له فرجية وعمامة وقميصا ، ومنديلا ، فلبسهم وخرج إلى ابن الشيخ بعد العشاء الآخرة ، فتحدث معه ساعة ، ثم عاد إلى دمشق ، ثم خرج مرة أخرى فوفق الحال ، وخرج إسماعيل وصاحب حمص في الليل إلى بعلبك ، ودخل ابن الشيخ دمشق ، فنزل في دار سامة ، ودخل الشهاب رشيد إلى القلعة ، وولى ابن الشيخ : الجمال هارون المدينة ، وصدر الدين بن سني الدولة قاضي القضاة ، واستناب العزيز السنجاري ، والكمال التفليسي ، وعزل محيي الدين بن الزكي ،