وفيها كانت وقعة عظيمة بين الخوارزمية والفرنج ، لما نزل الخوارزمية غزة ، بعث إليهم الصالح أيوب الأموال والخيل ، والخلع والأقمشة والعساكر ، وأمرهم بالنزول على دمشق ، فاتفق الصالح إسماعيل ، والناصر داود ، والمنصور صاحب حمص مع الفرنج على الخوارزمية ، وعسكر مصر ، وكان إسماعيل قد أعطاهم الشقيف ، وبلاد المسلمين وصفذ ، وعذب والي الشقيف ، واستأصله حيث امتنع من تسليمه ، وخرج إسماعيل من دمشق ، ومضى إلى الشقيف ، وسلمه إليهم بنفسه ، وكانت صفد خرابا والشقيف عامرا ، ولما اتفق مع الفرنج ، خرج صاحب حمص من دمشق بعسكر دمشق وحمص إلى بلاد الفرنج ، وجهز الناصر عسكره من نابلس مع الظهير ابن سنقر الحلبي ، والوزيري ، وكنت يومئذ بالقدس ، والناصر بالكرك ، واجتمعوا بأسرهم على يافا ، والخوارزمية وعسكر مصر على غزة ، وساق صاحب حمص ، وعسكر دمشق تحت أعلام الفرنج ، وعلى رؤوسهم الصلبان والأقساء في الأطلاب يصلبون على المسلمين ، ويقسسون عليهم ، وبيدهم كاسات وطاسات يسقونهم ، وساقت الخوارزمية ، وعسكر مصر ، والتقوا على مكان يقال له قربيا ، وكانت الفرنج في الميمنة ، وعسكر الملك الناصر في الميسرة ، وابن صاحب حمص في القلب ، وكان يوما عظيما لم يجر في الإسلام مثله ، ولا في زمان نور الدين ، وصلاح الدين ، فأول ما كسرت الميسرة ، وهرب الوزيري وأسر الظهير ابن سنقر ، وجرح في عينه ، وأخذ جميع ماله ، وأصبح فقيرا ، وانهزم ابن صاحب حمص ، ومالت الميمنة بالفرنج فرأوا القلب والقلب قد انكسروا ، فخذلوا فأحاطت بهم الخوارزمية ، وكان عسكر مصر قد انهزموا إلى قريب العريش ، ورموا كوساتهم ، وأثقالهم ، وثبتبت الخوارزمية ، وكان الفرنج ألفا وخمسمائة فارس من الديوية والإسبتار والكنود والكبار ، وعشرة آلاف راجل ، وما كانت إلّا ساعة حتى حصدتهم الخوارزمية بالسيوف حصدا جيدا ، وأسروا منهم ثماني مائة أسير ، ولقد أصبحت ثاني يوم الكسرة إلى غزة ،