قتله للنظام ، ولؤلؤ ، واستيلاءه على ماردين ، وطلوع المعظم إليه واتفاقه معه ، ومصاهرته إياه ، وكان المعظم قد تزوج أخت ناصر الدين ، وهي التي بنت المدرسة والتربة عند الجسر الأبيض بقاسيون ، فدفن بها ، لأنه لما مات المعظم انتقلت إلى ماردين ، فتوفيت بها ، وكان ناصر الدين شجاعا شهما ، جوادا ، ما قصده قاصد فخيبه ، وقصده الأشرف غير مرة ولم يلتفت ، وكانت وفاته بماردين قتله ولده خنقا وهو سكران ، فبعث إلى ابنه وكان محبوسا فجاء إلى ماردين فملكها.
فصل
وفيها توفي أسد الدين صاحب حمص ، ولقبه الملك المجاهد ، واسمه شيركوه بن محمد بن أسد الدين شيركوه بن شاذي.
وقد ذكرنا أن صلاح الدين أعطاه حمص عند موت والده محمد ، في سنة احدى وثمانين وخمسمائة ، فأقام بها إلى هذه السنة سبعا وخمسين سنة ، وكان شجاعا شهما مقداما ، يباشر الحرب بنفسه ، وحفظ المسلمين من الفرنج ، والعرب ، وأما من ناحية الفرنج بنى الأبراج على مخائض العاصي ، وسكن فيها الرجال والطيور فيخرج بنفسه فيسبق الفرنج إلى المخاضة فيقتل ويأسر ، ويرد القافلة ، وما أخذوا منها شيئا ، وكذا كان يفعل بالعرب من ناحية البرية ، يركب بنفسه ويقاتل ، ولم يزل كذلك حتى توفي ، وكانت بلاده طاهرة من الخمور ، والخواطىء ، والمكوس ، فكانت تعبر على بلده قوافل الدنيا ، فلا يتعرض لها ، وكان بنو أيوب يخافونه لأنه كان يرى أنه أحق بالملك منه ، واتهمه بأنه هو الذي أوقع بينه ، وبين الأشرف ، فلما ملك الكامل دمشق ونزل جوسق أبيه اجتمعنا ، فقال لي : ما أفسد أحوالنا إلا صاحب حمص ، والله لأمحون آثاره ، فقلت : ابن عم وقريب ، وهو خير من غريب ، وطلب منه مالا عظيما ، فبعث أسد الدين نساءه إلى دمشق يسألن الكامل فيه ، فما أجاب ، وقال : لابد من المال ، وأيقن أسد الدين بوزن المال ، فحكى لي جماعة أنه