هذا البساط بالله انزلوا به إلى الوادي ، واغسلوه ، قال : فنفر في زريق وقال : ايش جاء بك إلى هنا؟ وصاحوا عليّ فعدت موضعي ، وحكى لي أشياء من هذا الجنس.
ثم إن الوزيري أطلع خزائنه ، وخيله وأشياءه إلى الصلت ، وأقام مماليكه بنابلس ، ووصل ابن النابلسي العلاء من مصر من عند العادل يطلب الصلح من الناصر ، ويعطيه مائة ألف دينار فما أجاب ، وكان إسماعيل ، وصاحب حمص في هذا المعنى ، فما أجاب ، ولما طال مقامه أشار عماد الدين بن موسك وابن قليج ، والظهير ، على الناصر باتفاقه واخراجه ، وتحالفا واتفقا ، وأخرجه في أواخر رمضان.
وقال لي الصالح : لما أخذ مصر : حلفني على شيء ما تقدر ملوك الأرض عليه ، وهو أن آخذ له دمشق ، وحمص ، وحماة ، وحلب ، والجزيرة ، والموصل ، وديار بكر ، وغيرها ، ونصف ديار مضر ، ونصف ما في الخزائن من المال ، والجواهر ، والخيل ، والثياب وغيرها ، فحلفت من تحت القهر ، والسيف ، ولما علم العادل وإسماعيل والملوك بإخراجه من الحبس ، رموا الناصر عن قوس واحدة ، وعزموا على قصده ، واتفقوا عليه وأول من برز العادل إلى بلبيس بالعساكر يريد الشام ، واختلف العسكر عليه ، وقبضوه وأرسلوا إلى الصالح يعرفونه ويسألونه الإسراع ، فسار ومعه الملك الناصر ، وجماعة من أمرائه ابن موسك وغيره ، وكان وصول الصالح إلى بلبيس يوم الأحد رابع عشرين ذي القعدة ، فنزل في خيمة العادل ، والعادل معتقل في خركاه ، وكان خالي محيي الدين بمصر ، قد خلع على العادل ، والفلك بن المسيري ، فأخبر بمسكه فخرج إلى بلبيس وقد فات.
وحكى لي الصالح واقعات جرت في مسيره إلى مصر ، منها أنه قال : والله ما قصدت بمجيء الناصر معي إلّا خوفا لا تكون معمولة عليّ ومنذ فارقنا غزة تغير علي ، ولا شك أن بعض أعدائي أطمعه في الملك ، فذكر لي جماعة من مماليكي أنه تحدث معهم في قتلي.