عليهم ، فيفرق جمعهم ، وأخذوا بعض ثقله ، ووصل إلى سبسطية فنزل عليها ، وكان الوزيري قد عاد إلى نابلس ، فأرسل إليه يقول : قد مضى ما مضى ، وما زالت الملوك كذا ، وقد جئت مستجيرا بابن عمي ونزل في الدار بنابلس ، واتفق عود الناصر داود من مصر على غير رضا ، فوصل إلى الكرك ، وكتب الوزيري إلى الناصر يخبره الخبر ، فبعث الناصر : عماد الدين ابن موسك ، والظهير ابن سنقر الحلبي في ثلاثمائة فارس إلى نابلس ، فركب أيوب والتقاهم فخدموه ، وقالوا : طيب قلبك إلى بيتك جئت ، فقال : لا ينظر ابن عمي إلى ما فلعت ، فما زال الملوك كذا ، وقد جئت إليه أستجير به ، فقالوا : قد أجارك ، وما عليك بأس ، وأقاموا أياما حول الدار ، فلما كان في بعض الليالي ضرب بوق النفير ، وقيل جاءت الفرنج إلى الظهير ، فركب الناس ومماليك الصالح ووصلوا إلى سبسطية ، وجاء عماد الدين ، والظهير والعسكر إلى الدار ودخل عليها الظهير ، وقال تطلع إلى الكرك فإن ابن عمك له بك اجتماع ، وأخذ سيفه ، وبلغني أن جاريته كانت حاملا فأسقطت ، وأخذوه وتوجهوا إلى الكرك ، ولما اجتمعت به في سنة ست وأربعين وستمائة بالقاهرة حكى لي صورة الحال ، قال : أركبوني بغلة بغير مهماز ولا مقرعة وساروا بي إلى المؤتة في ثلاثة أيام والله ما كلمت أحدا منهم كلمة ، ولا أكلت لهم طعاما حتى جاء خطيب المؤتة ، ومعه ثريدة عليها دجاجة ، فأكلت منها وأقاموا بي في المؤتة يومين ، ولم أعلم ايش كان المقصود ، وإذا بهم أدخلوني إلى الكرك ليلا على الطالع الذي كان سبب سعادتي ، ونحوسهم ، ووكل بي مملوكا فظا غليظا يقال له زريق ، فكان أضر لي من كل ما جرى ، فأقمت عندهم إلى رمضان سبعة أشهر ، ولقد كان عندي خادم صغير فاتفق أنه أكل ليلة كثيرا فاتخم وبال على البسط ، فأخذت البساط بيدي ، والخادم ، وقمت من الإيوان إلى قريب الدهليز ، وفي الدهليز ثمانون رجلا يحفظون ، وقلت : يا مقدمين هذا الخادم قد أتلف