إليهم ، فسلموا فقتلوه ، ولو طلبوا ملكي دفعته إليهم ، ولكن خفت من الله أن أمنعهم حقهم لغرض نفسي.
وكنت عنده بخلاط فقدم عليه النظام بن أبي الحديد ، ومعه نعل النبي صلى الله عليهم وسلم ، فعرفته بقدومه ، فقال : يحضر ، فلما دخل عليه ومعه النعل ، قام قائما ونزل من الإيوان ، وأخذ النعل فقبله ، ووضعه على عينيه ، وبكى وخلع على النظام وأعطاه نفقة ، وأجرى عليه جراية ، وقال : تكون في الصحبة نتبرك بك ، وانفصلت عن خلاط ، وأقام عنده فبلغني أنه قال : هذا النظام يطوف البلاد ، وما يقيم عندنا ، وأنا أوثر أن يكون عندي قطعة منه ، ثم بات مفكرا ورجع عن ذلك الخاطر ، ولما أخذ دمشق حكى لي قال : عزمت على أخذ قطعة منه ، ثم فكرت فقلت : ربما يجيء بعدي من يفعل مثل فعلي فيتسلسل الحال ، ويؤدي إلى استئصاله بمرة ، فتركته وقلت : من ترك شيئا لله عوضه الله أمثاله ، ثم أقام عندي النظام شهورا ، واتفق أنه مات وأوصى لي بالنعل ، فأخذت النعل بأسره ، ولما فتح دمشق اشترى دار قيماز النجمي ، وجعلها دار حديث ، وترك النعل فيها ، ونقل إليها الكتب الثمينة ، وأوقف عليها الأوقاف الكثيرة ، وكان فطنا ذكيا.
فصل
ما عمر من الأماكن
بنى مسجد أبي الدرداء بقلعة دمشق وزخرفه ، وكان عامة مقامه به ، والمسجد الذي عند باب النصر ، ومسجد القصب بالعقيبة ، وجامع بيت الأبار ، ووقف عليها الأوقاف ، وبنى في بستان النيرب بنيانا عظيما ، وكان حسن الظن بالفقراء ، يحسن إليهم ، ويزورهم ، ويفتقدهم بالمال والأطعمة ، وقصته مع أصحاب الشيخ حياة لما بددوا المسكر بين يديه مشهورة ، وكان يقول : وبها نصرت ، وكان طول ليالي رمضان لا يغلق