باب القلعة ، وجفان الحلوى خارجة إلى الجوامع والزوايا ، والربط وبيت الأبار ، والمزة إلى أبي القاسم المسعودي ، وعمر الخلخال ، وإلى الجبل وغيره ، وكان إنعامه العام شاملا للخاص والعام.
ولما فارقت دمشق بسبب ما جرى في حديث القدس ، طلعت إلى الكرك ، وأقمت عند الملك الناصر ، وكنت أتردد إلى القدس ونابلس من سنة ست وعشرين إلى سنة ثلاث وثلاثين وستمائة ، ثم جرت أسباب أوجبت قدومي إلى دمشق ، فسر بقدومي وزارني ، وأحسن إليّ ، وفصل لي خلعة سنية ، فامتنعت من لبسها ، فقال : لا بالله ولو ساعة ليعلم الناس بأنك قد رضيت ، وزال ما كان بيننا من الوحشة وبعث لي بغلته الخاص ، وعشرة آلاف درهم ، وجلست في جامع التوبة ليلة عرفة ، وحضر وبكى وأعتق مماليكه وجواريه ، وقال لي : قد رجع الحق إلى نصابه ، ومثلك يصلح أن يكون في خراب نابلس ، والقدس ، والكرك ، والله إن دمشق تغار عليك أن تكون في غيرها ، وأقمنا معه من سنة ثلاث وثلاثين ، إلى أن توفي في سنة خمس وثلاثين وستمائة في أرغد عيش ، وأحسن حال ، وأهنأ بال.
ذكر وفاته
مرض في رجب مرضين مختلفين في الأعالي والأسافل ، وكنت كل يوم أعوده أنا والأماثل ، وكان الجرائحي يخرج العظام من رأسه ، وهو يسبح الله ويحمده ويوحده ويقدسه ، ثم اشتد الذرب ، فكان يتحامل إلى أن غلب ، فلما أيس من نفسه قال لوزيره جمال الدين بن جرير : يا جمال الدين في أي شيء تكفنوني؟ فقال : حاشاك من ذلك ، فقال : دعني من ذلك ، فما بقي في قوة تحملني أكثر من نهار غد ، وتواروني ، فقال : عندنا في الخزانة نصافي ، فقال : حاشى الله أن تكفنوني من هذه الخزانة التي لا تخلو من الخيانة ، وكان عماد الدين بن موسك حاضرا فقال : قم أحضر الوديعة التي هي إلى الله ذريعة ، فقام عماد الدين ، ومضى وعلى رأسه