فعندها سر ما يمكن ذكره إلّا للسلطان ، فقلت : بسم الله ، فقامت وغابت ساعة ، ثم جاءت ، فدخلت ومعها امرأة ما رأيت في الدنيا أحسن منها ، وكأن الشمس تحت نقابها ، فخدمت ، وقمت لها لكونها بنت شاه أرمن ، فقلت : وأنت في هذا البلد وما علمت بك ، فسفرت عن وجه ضاءت منه المنظرة ، فقلت لها : غطي وجهك وأخبريني حالك ، فقالت : بنت شاه أرمن صاحب هذه البلاد : مات أبي واستولى بكتمر على الممالك ، وتغيرت الدول ، وكان لي ضيعة أعيش منها أخذها الحاجب علي ، وما أعيش إلّا من عمل النقش ، غير أني ساكنة في دور الكرى ، قال : فبكيت ورق قلبي لها ، وأمرت الخادم أن يكتب لها توقيعا بالضيعة ، والوصية ، وأمرت لها من الخزانة بقماش ودار تصلح لسكنها ، وقلت : بسم الله في حفظ الله ، فقالت العجوز : يا خوند ما جاءت إلا حتى تحظى بك الليلة ، فلما سمعت كلامها أوقع الله في قلبي تغير الزمان وأن يملك خلاط غيري ، وتحتاج بنتي أن تقعد مثل هذه القعدة ، قال : فقلت : يا عجوز معاذ الله ، والله ما هو شيمتي ، ولا خلوت بغير محارمي فخذيها ، وانصرفي وهي العزيزة الكريمة ، ومهما كان لها من الحوائج فهذا الخادم تنفذ إليه ، فقامت وهي تبكي ، وتقول : صان الله عاقبتك كما صنتني ، قال : فلما خرجت افتنتني نفسي ، وقالت : في الحلال مندوحة عن الحرام ، تزوجها ، فقلت : ويحك يا نفس خبيثة ، فأين الحياء والكرم ، والمروءة ، والله ما فعلته أبدا.
قال : وقال لي : مات لي مملوك بالرها ، وخلف ولدا لم يكن في زمانه أحسن منه صورة ، ولا أظرف ، وكان من لا يفهم باطن حالي يتهمني به ، وكنت أحبه ، وهو عندي أعز من الولد ، وبلغ عشرين سنة فضرب غلاما له فمات ، فاستغاث أولياؤه فقلت : أثبتوا أنه القاتل ، فاثبتوا وجاؤوا يطلبون الثأر ، فاجتمع عليهم مماليكي وخواصي ، وقالوا : نعطيكم عشر ديات ، فأبوا وقالوا : لابد من الاستيفاء ، فقلت : سلموه