الكامل يخبره ، فكتب الكامل إلى الفلك كتابا غليظا شنيعا ، وكان الكامل قد عزم على أخذ الروم ، قال أسد الدين للأشرف : متى أخذ الروم نبقى بين يديه يقلبنا كيف شاء ، واتفقا عليه ، ولما عادوا من الروم إلى دمشق فهم الكامل ذلك ، فخاف وعجل الرجوع إلى مصر ، فبعث إليه الأشرف يقول : أخذت مني الشرق ، وقد افتقرت بهذه البواكير ، ودمشق مالي فيها بستان ، فبعث إليه الكامل بعشرة آلاف دينار ، فردها وقال : أنا أدفع هذه لأميرين ، فغضب الكامل ، وقال : إيش يعمل بالملك يكفيه عشرة المغاني ، وتعلمه لصناعتهم ، فتنمر عليه الأشرف وقال : والله لأعرفنه قدره ، فأرسل إلى : حلب ، وحماة ، وبلاد الشرق ، وقال : قد عرفتم بخل الكامل وطمعه في البلاد ، فحلفوا واتفقوا ، ولما وصل الكامل إلى قلعة القاهرة باس العتبة ، وقال : رأيت روحي في قلعتي ، فلما مات الأشرف في سنة خمس وثلاثين وستمائة ، قال : والله لو لم يمت لراحت البلاد منا ، فقيل له : لك من باب الموصل إلى اليمن فايش تلتفت إليه ، فقال : اسكتوا كان كريما ، والكرم ما معه حديث ، وكان الملك الأشرف ، قد اتفق مع الملك الناصر ، ثم انحرف عنه ومضى إلى الكامل ....
وفيها توفي الشهاب أحمد الأمير ، كان شجاعا جوادا من خواص الكامل ، وأرباب سره ، كيسا متواضعا حسن المحضر .....
فصل
وفيها توفي الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر صاحب حلب ، ولد في ذي الحجة سنة تسع وستمائة ، وتوفي والده وهو طفل ، ونشأ تحت حجر شهاب الدين الخادم ، فرتب أموره أحسن ترتيب ، وقام بدولته القيام العجيب إلى أن ترعرع في سنة تسع وعشرين ، فاشتغل بالأمر ، وفك عن نفسه الحجر ، وتوفي بحلب ، ودفن في القلعة ، وكان حسن الصورة ، كريما عفيفا ، ولم يبلغ أربعا وعشرين سنة ، وحكى الحلبيون أن أحواله تغيرت وتوفي في شوال وأقاموا ولده الملك الناصر يوسف بعده.