وبلغني في مقتل خوارزم شاه وجه آخر ، أنه لما كسبه التتر خرج من الخيمة ليلا ، ومعه جماعة من أصحابه ، وقصد ميافارقين ، وكان معه جواهر نفيسة ، فبات بقرية عند أرمن ، فقال : أنا خوارزم شاه ، وأعطاهم جواهر ، وقال : احملوني إلى شهاب الدين غازي ، فحملوه إلى سفينة وكان تحته فرس سرجه ، ولجامه ذهب مجوهر ، فأنزلوه في السفينة وبها رجل كردي ، كان خوارزم شاه قد قتل أهله ، فضربه في صدره بحربة ، وأخرجها من ظهره ، فقتلوا الكردي ، وأخذوا ما كان على خوارزم شاه ، وحياصته ، وفرسه ، وكان فيها جوهر عظيم ، وألقوه في بئر ، وبلغ شهاب الدين غازي ، فأرسل إليهم ، فأخذهم ، وأخذ ما أخذوه ، وسألهم عن خوارزم شاه ، فأخرجوه من البئر ، فقتلهم شهاب الدين وغسله وكفنه ، ودفنه خارج ميافارقين ، فعفىّ شهاب الدين موضع قبره.
وقيل قتل في سنة تسع وعشرين وستمائة ، ثم تفرقت عساكره تفرق أيدي سبأ ، وكم فتك وقتل من المسلمين ، وسبى وزالت أيامه ، وبقيت آثامه ، وكان كثير الفساد للعباد والبلاد.
وحكى خالي أبو محمد يوسف محيي الدين ، قال : بعثني الخليفة إليه في رسالة ، وهو على خلاط ، فدخلت عليه ، وبين يده المصحف ، وهو يقرأ فيه ، ويبكي فقلت له : تقرأ في المصحف وتبكي ، وأنت تفعل بالمسلمين ما تفعل ، وقد قتلت في دقوقا عشرين ألف مسلم ، وسبيت نساءهم ، وفعلت وفعلت؟ فقال : هذا عسكر عظيم ، مسيرة خمسة أيام مالي عليهم طاقة ، ولا أحكم عليهم ولا يلتفتون إليّ ، ومع هذا فإنه كان سدا بين المسلمين والكفار ، وسندا لأهل الإسلام من الفجار ، وكان يدفع التتر عن المسلمين ، فلما هلك انفتح السد.
ولقد حكى لي الأمير عماد الدين بن موسك قال : لما كسر الخوارزمي دخل عثمان العزيز ، وغازي ، وجماعة من الأعيان فهنأوا الأشرف بالكسرة ، فقال : تهنوني بهذا ، سوف ترون غب هذا ، والله لتكونن هذه