أخي الشريف البهاء الكاتب ، وابن فهيد اليهودي وبيده الأسطرلاب ، ليأخذ له طالع الوقت ، وكان يلعب مع العباس بما جرت عادتهم بلعبه ، فقال له ابن فهيد : يا مولانا انظر إليّ فهذه ساعة سعيدة ، لو أردت أخذ دمشق أخذتها ، فقال له : لا تكلمني فقد تعين لي اللعب ، وكان مع المملوك الذي في الخزانة سكين صغيرة فعالج رزة باب الخزانة قليلا قليلا فقلعها ، وهجم فأخذ سيف الأمجد وجذبه وضربه به فصاح لا والك يا مأبون والمملوك يضربه ، فحل كتفه ونزل السيف إلى نحره ثم ضربه ضربة أخرى ، فقطع يده وطعنه في خاصرته ، وانهزم فصعد السطح ، فصعدوا خلفه فألقى نفسه إلى الدار ، فمات وقطعه الغلمان قطعا ، وغسل الأمجد ، وكفن ، وحمل إلى تربة أبيه التي على الميدان على الشرف الشمالي ، فدفن بها.
وكان شاعرا ، فاضلا ، فصيحا ، وله ديوان شعر مليح ، وكان جوادا ممدحا ، وقد مدحه خلق كثير ، وجزاهم الجوائز السنية ، وقد ذكرنا مدح النقاش الحلبي له ، وكان صديقي ، وكنت إذا صعدت جبل لبنان للزيارة ، أجتاز ببعلبك فيخدمني ، ويحسن إليّ واجتمعت به عند الشيخ عبد الله اليونيني وأنشد من شعره :
كم يذهب هذا العمر في الخسران |
|
ما أغفلني فيه وما أنساني |
ضيعت زماني كله في لعب |
|
يا عمر فهل بعدك عمر ثاني |
يا ليتهم عادوا إلى الأوطان |
|
كي تجتمع الأرواح بالأبدان |
كم رام بي العذول عنهم بدلا |
|
هذا غلط عمري قصير فاني |
ورآه بعض أصحابه في المنام ، فقال له : ما فعل الله بك؟ فأخذ ينشد يقول :
كنت من ذنبي على وجل |
|
زال عني ذلك الوجل |
أمنت نفسي بوائقها |
|
عشت لما مت يا رجل |