أخوه عثمان ، وهو يسوق على الدواب من قاسيون إلى دمشق يبيع الحجارة ، وكنت أقول له : بكم عملت اليوم؟ فيقول : بدرهمين ، فتقلبت بهما الأحوال حتى صار الحاجب نائبا للملك الأشرف بالشرق وخلاط ، وكان شهما مقداما جوادا ، بنى الحمامات ، وأوقف عليها الأوقاف ، وكان عادلا منصفا لا يحابي أحدا ، فكان الأمراء وأرباب الدولة يخافونه ويتقونه ، وكان مهيبا ، وساق خلف الخوارزمي ، وأخذ البلاد منه ، ونهب عياله وقد ذكرناه.
وكان سبب هلاكه أنه لما جاء الأشرف إلى دمشق ، واتفق مع أخيه الكامل على المقايضة بالشرق ، بلغ الحاجب ، فكتب إلى الأشرف يقول له : الله الله لا تفعل ، فليس هذا مصلحة لوجوه :
أحدها لأنك إنما قطعت الفرات لتنجد ابن أخيك الناصر ، فإذا أخذت منه دمشق فأي حرمة تبقى لك عند الملوك ، فإن كان الماء والبساتتين والفرجة ، فهذه سنجار أصح من دمشق ، وهي وسط البلاد.
والثاني أن الخوارزمي معاهد الملك المعظم ، فما يتخلى عن ولده وهو قريب منا ، ومتى أخذ خلاط أخذ جميع البلاد.
والثالث أنك اليوم ملك الشرق والشام ، والخليفة والمواصلة والروم يخدمونك ، تصبح مثل بعض الأمراء ، تصير تبعا ، وحكمك اليوم على عشرة آلاف فارس ، ودمشق ما تقيم بأكثر من أربعمائة فارس وذكر كلاما ، فوقع الكتاب في يد الكامل ، فقال : ما كفى الخصاص ما فعل ، وأخذه لأهل الخوارزمي ، وفتحه علينا هذا الباب الذي ما نقدر نسده ، حتى يكتب مثل هذا الكتاب ، ثم أمر كاتبه أن يكتب كتابا إلى خلاط إلى عز الدين أيبك مملوك الأشرف بقتل الحاجب ، وكان أيبك عدو الحاجب ، وبعث بالكتاب إلى الأشرف وقال : علم عليه ، فعلم عليه ، وقال بعد أيام : مسكين الحاجب علي كتب الكامل كتابا بهلاكه ، وعلمت عليه.