قلت : نصر الأشرف اليوم ، فتعجبت الجماعة ، فوصل الخبر بعد عشرة أيام بالواقعة كما ذكرنا ، وأن الضباب الذي كان عندهم كان عندنا ، وأنهم نصروا في الساعة التي دعونا فيها.
وفيها استخدم شهاب الدين غازي صاحب ميافارقين العزيز الجاموس على ديوانه ، وأعطاه الكوسات والأعلام ، وقدمه على جماعته ، ودعي بالصاحب العزيز الأمير عز الدين ، ومكنه من البلاد والعباد فبدا منه من الكبر والتجبر والظلم والعدوان بحيث كان كالجلندي الذي يأخذ كل سفينة غصبا عند كسرى أنوشروان ، وكان غازي قد اقترض من البدر ابن المسجف الشاعر لما توجه إلى مكة عشرة آلاف درهم ، وكتب له توقيعا على الجهات ، فمطله الجاموس وأحاله على جهات منكسرة ، ولقي منه أمورا عسرة ، فهجاه بأبيات وكتب بها إلى غازي فمنها ..
أبوه الذي أفتى قديما بسبكم |
|
جهارا وهذا الابن من ذلك الصلب |
فأبعده وقيت الردى عند دياركم |
|
وقابله بالإعراض والفتك والصلب |
فقد قيل بيتا سائرا في مثاله |
|
وسار مسير الشمس في الشرق والغرب |
ومن ربط الكلب العقور ببابه |
|
فعقر جميع الناس من رابط الكلب |
ومات الجاموس في هذه السنة وهي سنة سبع وعشرين وستمائة ، بميافارقين ، فاستولى غازي على تركته ودوابه ، وغلمانه ولعنه غازي ، وقال : ظلم الرعية ووسخ أعراضنا ، فدعوا علينا بسببه ، وجاء عمه من دمشق ، يطلب تركته ، فسبه غازي ، وقال : ايش جاءني؟ وأعطى عمه ألف درهم .....
وفيها توفي الحاجب علي الموصلي ، وكان خصاصا أول زمانه ، ثم خدم طغتكين بدمشق ، وكان فقيرا.
وحكى لي أخوه عثمان قال : كان طغتكين يقعد عندي على الدكان بسوق النحاسين بدمشق ، والحاجب يحمل سرموجته ، وهو قائم ، وكان