العبر ، فلما احتضر بعث إلى رجل مغربي بمكة قال : والله ما أرضى لنفسي من جميع ما معي كفنا اتكفن به ، فتصدق عليّ بكفن ، فبعث له بنصفيتين بغدادي ، ومائتي درهم ، فكفنوه فيهما ، ودفن بالمعلى.
وحكي أن الهواء ضرب بعض المراكب ، فرجعت إلى زبيد ، فأخذها أصحابها ، وبلغني عن الكامل أنه سر بموته ، ولما جاء خزنداره إليه ما سأله كيف مات ، بل قال : كم معك من المال والتحف؟ وقد ذكرنا ما فعل أقسيس ، وضربه الحرم بالبندق ، فعوقب سريعا ، وضربه القدر ضربا وجيعا.
السنة السابعة والعشرون وستمائة
وفيها بعث الأشرف أخاه الصالح إسماعيل فحصر بعلبك وضربها بالمناجيق ، وضايقها ، وتوجه إليها الملك الأشرف ، وكانوا قد ضربوا بيت الماء الذي للأشرف قريبا من الشيخ عبد الله اليونيني ، فقامت قيامة الأشرف وضرب الفراشين وطردهم ، وضرب خيمته ناحية ، ودخل الصفي مرزوق ابن الأمجد ، والأشرف صاحبهما.
وفيها أخذ خوارزم شاه خلاط ، بعد أن أكلوا الميتات ، والجيف وبيعت قطعة من جلد بألف درهم ، فلما كان في جمادى الأولى زحف عليها من كل جانب ، ونصب المناجيق ، وطم الخنادق ، وكان قد أقام عليها عشرة أشهر ، فدخلها بالسيف فنهبها ، وهتك نساءها ، وأخذ مجير الدين ، وتقي الدين بن العادل ، وكانا بها ، وأخذ الكرجية زوجة الأشرف ودخل بها من ليلته ، وكان عز الدين أيبك قد خنق الحاجب عليا ، وكان مع الخوارزمي مماليك الحاجب ، فقالوا لخوارزم شاه : هذا قتل أستاذنا ، فقال : اقتلوه فقتلوه ، وبلغ الأشرف وهو بدمشق ، والكامل بالرقة ، فخرج من دمشق ، وجاء إلى الرقة ، وكتب صاحب الروم كيقباذ إلى الأشرف يقول : هذا يستولي على البلاد ، والمصلحة أن تجيء إلى عندي فعندي المال ،