حتى أضيف إليه ثلب أعراض المسلمين ، فخرج من عنده وكان شاعرا لبيبا كثير الكلام فأخذ يصنف هجاءه وقد عمل فيه.
وكنا نرجى بعد عيسى محمدا |
|
لينقذنا من شدة الضر والبلوى |
فأوقعنا في تيه موسى كما ترى |
|
حيارى فلا منّ لديه ولا سلوى |
وبلغ الأشرف ، فقال : هذا الملعون إذا لم يكن عندي من ولا سلوى ، فعند من؟ وأمر بقطع لسانه ، فدخل على جماعة وحلف بأنه ما قال هذا ، فقال الأشرف : ما أفلت من لسانه أحد ، ولابد من قطعه ، فهرب إلى بلاد زرع وحوران ، وسكت الأشرف عنه.
فصل
وفيها توفي أقسيس الملك المسعود بن الكامل صاحب اليمن بلغه موت الملك المعظم في سنة خمس وعشرين وستمائة فطمع في الشام ، فتجهز جهازا لم يسبقه إليه أحد من الملوك ، ونادى في بلاد اليمن في التجار : من أراد صحبة السلطان إلى الديار المصرية ، فليتجهز ، فجاء التجار من الهند بأموال الدنيا والأقمشة والجواهر ، فلما تكاملت المراكب بزبيد جمع التجار وقال : اكتبوا إليّ بضائعكم ، وما معكم لأحميها من الزكاة والمؤن ، فكتبوها ، فصار يكتب لكل تاجر برأس ماله إلى بعض بلاد اليمن ، ويستولي ، ففعل بالجميع كذا ، فاجتمعوا واستغاثوا ، وقالوا : نحن جئنا من بلدان شتى وفينا من أهل : الاسكندرية ، والقاهرة ، ومصر ، والشام ، والروم ، ولنا مدة سنين عن أهلنا ، وقد اشتقنا إليهم ، فخذ أموالنا وأطلقنا نروح إلى أهلنا ، فلم يلتفت إليهم وأخذ الجميع ، وبلغني أنه كان ثقله في خمسمائة مركب ، ومعه ألف خادم ، ومائة قنطار عنبر وعود ومسك ، ومائة ألف ثوب ، ومائة صندوق أموال ، وجواهر ، وركب الطريق إلى مكة ، ولما وصل بعض الطريق مرض مرضا مزمنا ، فما دخل مكة إلّا وقد فلج ، ويبست يداه ، ورجلاه ، ورأى في نفسه