الديوان أن لا أخاطبه إلّا بمشهد الظاهر بالشام ، وهو الملك ، ولما اجتمعت بالملك الظاهر في سنة اثنتي عشرة وستمائة ، قال لي : والله هو واسطة العقد وعين القلادة ، ولو لا همته وأنه مشغول بجهاد الأعداء لما قر لي في حلب قرار ، وكان الكامل يقول : وهل انبت الشعر من رؤوسنا إلا الملك المعظم.
وقال لي الكامل في مصر : ومن حفظ عليّ البلاد ، وأحياني بعد الموت غيره ، يشير إلى نوبة ابن المشطوب ، وكان الأشرف يقول : الله بيني وبين التي ولدت فيها ، ومعناه أنه ولد قبل المعظم بشهر ، أو بليلة ، وكان يقف في خدمة العادل فوق المعظم ، على ما جرت به عادتهم في كبر السن.
ذكر طرف من شجاعته
قد ذكرنا أنه التقى الفرنج على القيمون وقتل منهم مائة فارس وأسر منهم مائة فارس ودخل بهم القدس منكسة أعلامهم وكسر الفرنج غير مرة ، وأخرب قيسارية ، والنقر ، ودعوق وحصونا كثيرة في الساحل ، وكان بالغور حرامي يقال له قنديل معه مائة راجل ، فكان يقطع الطريق من بيسان وأريحا ، فحكى المعظم قال : بلغني أن الفرنج قاصدين القدس ، فخرجت من دمشق بعد الظهر وما معي غير ركبدار وقلاوون مملوكي ، وقلت للجماعة اتبعوني ، وسقت فبت بالطريق ، وسقت في الليل فأصبحت في بيسان فتغديت ، وساق معي والي بيسان ، وأنسيت قنديل ، فسقت أريد أريحا فبينما أنا في عدوة بيسان ، وإذا بقنديل قد خرج ومعه رجاله ، ولم يكن معي عشرة خيالة ، قال : فوقفت وصحت فيه : والك أنت قنديل؟ قال : نعم وبيده قوس لو ضرب بسهمه الجبل لنفذ منه ، فقلت لبعض المماليك : انزل إليه ، فقلت اكتفه بوتر قوسه فكتفه ، وانهزم أصحابه ، وأخذت وتر القوس بيدي وسقت إلى قراوا ، وهو ساكت فالتقاني رؤساء قراوا ، فخافوا ونزلت عندهم وقلت لهم هذا برؤوسكم ما أعرفه إلا منكم في القدس ،