فصل
في خلافة ولده أبي جعفر منصور بن محمد ، ولقبه المستنصر بالله؟
بويع يوم مات أبوه البيعة العامة ، واستبشر الناس بطلعته ، وسعدوا بولايته ، فإنه ظهر منه مخايل الكرم ، والاحسان ، والعدل ، والامتنان ، وتوفي في سنة أربعين وستمائة ، وسنذكره هناك إن شاء الله تعالى.
وفيها توفي يونس بن بدران ، ويلقب بالجمال المصري ، كان وكيل بيت المال في أيام العادل ، فلما مات العادل ، وألبس المعظم القاضي ابن زكي الدين القباء والكلوتة ، ولى الجمال المصري قضاء القضاة بدمشق ، وكان فاضلا ، عفيفا ، مهيبا ، ورعا ، نزها ، ودفن بداره ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
السنة الرابعة والعشرون وستمائة
وفيها عاد الأشرف إلى بلاده ، وقدم رسول الانبروز على المعظم بعد اجتماعه بالكامل يطلب الفتوح ، فأغلظ عليه ، وقال : قل لصاحبك : ما أنا مثل الغير ، ما له عندي سوى السيف.
وفي شعبان أمر المعظم الجمال عبد الله بن الحافظ عبد الغني أن يرتب مسند أحمد على أبواب الفقه ، فقعد في الكلاسة ، ومعه جماعة من المحدثين منهم الشرف الإربلي ، فرتبوه فمات المعظم ، وهم على ذلك.
فصل
وحج بالناس من الشام الشجاع بن السلار ، ومن ميافارقين شهاب الدين غازي بن العادل ، وكان ثقله على ستمائة جمل ، ومعه خمسون هجينا كل هجين عليه مملوك ، وجهزه الأشرف جهازا عظيما ، وسار غربي الفرات على قرقيسيا ، والكيسان ، والقمر ، والعين وشنانا ، وكلها قرى فيها عيون جارية ، ونخل كثير ، ومنها يجلب التمر إلى الشام ، وعلى كربلاء فزار المشهد ، ثم دخل الكوفة وزار مشهد أمير المؤمنين.