وأياما ، ولم يبلغ من بني أمية ولا من بني العباس هذا العدد إلا المستنصر من المصريين ، فإنه ولي ستين سنة ، ومن الملوك سنجر.
وكان له خادم اسمه رشيق قد استولى على الخلاقة ، فأقام مدة يوقع عن الخليفة ، وكان قد قل بصره ، قيل ذهب مرة ، وكانت به أمراض مختلفة ، منها : عسر البول ، والحصى ، ولقي منه شدة ، وشق ذكره مرارا وما زال يعتريه حتى قتله ، وغسله أبو محمد يوسف خالي ، وكان قد عمل له ضريحا عند موسى بن جعفر ، فأمر الظاهر بحمله إلى الرصافة ، فحمل في تابوت ، ودفن عند أهله ، وقيل توفي سابع عشرين رمضان ، وبويع أبو نصر محمد.
فصل
في بيعة الإمام الظاهر بأمر الله :
قد ذكرنا أن أباه خطب له بولاية العهد في سنة خمس وثمانين وخمسمائة ، وعمره إذ ذاك أربع عشرة سنة ، لأنه ولد في المحرم سنة سبعين وخمسمائة ، وخطب له على المنابر ، وعزل في سنة احدى وستمائة ، ثم أعيد إلى العهد في سنة ثمان عشرة وسبعمائة ، ولما مات أبوه استدعى القمي تقي الدين الوزير ، وقشتمر والأعيان إلى البدرية فشاهدوا الناصر ميتا ، فبايعوا أبا نصر محمدا ، ولقبوه بالظاهر ، وهذه البيعة الخاصة ، ثم بويع البيعة العامة : حضر القضاة ، والأعيان فبايعوه ، وكان جميل الصورة أبيض ، مشربا بحمرة ، حلو الشمائل شديد القوى ، أفضت الخلافة إليه وله اثنتان وخمسون سنة إلا شهورا ، فقيل : ألا تفتتح؟ فقال : قد فات الزرع ، فقيل له : يبارك الله ، فقال : من فتح دكانا بعد العصر ايش يكتسب؟ ولما بويع أحسن إلى الناس ، ولم يؤاخذ أحدا ممن سعى في خلعه ، وكان الناس يظنون خلاف ذلك ، وخاف الخونة واستعدوا للهلاك ، وكتبوا وصاياهم ، فقابل الإساءة بالإحسان ، والتجاوز