فصل
وفيها قدم أقسيس من اليمن على أبيه الكامل بالقاهرة ، ويلقب بالملك المسعود ، وما جاء من اليمن إلا طمعا في أخذ دمشق ، والشام ، وكان معه من الهدايا شيء عظيم من جملة ذلك ثلاثة أفيلة أحدهم كبير ، ويدعى بالملك ، وعليه محفة بدرابزين يقعد فيها عشرة أنفس ، وفياله راكب على رقبته ، وبيده كلاب حديد يضربه كيف ما أراد ، وخرج الكامل للقاء ولده ، فلما قربوا من الكامل أمرهم سواسهم فوضعوا رؤوسهم على الأرض بين يدي الكامل خدمة له ، وكان في الهدية : مائتا خادم ، وأحمال عود ، وند ، ومسك ، وعنبر ، وتحف اليمن ، وفيها بنى الكامل دار الحديث التي بين القصرين والله أعلم.
السنة الثانية والعشرون وستمائة
وفي ربيع الأول وصل خوارزم شاه جلال الدين إلى دقوقا ، ففتحها عنوة ، وأوقع السيف في أهلها ونهب أموالهم ، وسبى حريمهم ، وهتك نساءهم وأحرق البلد ، وهدم سوره ، وكانوا قد عصوا عليه وسبوه في الأسواق ، وبالغوا في شتمه ، وعزم على قصد بغداد ، فانزعج الخليفة ، وأخرج المال ، وفرق في العساكر ألف ألف دينار ، ونصب المناجيق على الأسوار ، وفرق السلاح ، وفتح الأهراء.
وحكى لي المعظم قال : كتب إليّ يقول أنت تحضر ، ومن عاهدني واتفق معي ، حتى نقصد الخليفة فإنه كان السبب في هلاك أبي ومجيء الكفار إلى البلاد ، ووجدنا كتبه إلى الخطا ، وتواقيعه لهم بالبلاد والخيل والخلع.
قال المعظم : فكتبت إليه أنا معك على كل أحد إلا الخليفة ، فإنه إمام المسلمين.
قال : وبينما هو على عزم بغداد وكان قد جهز جيشا إلى الكرج إلى تفليس ، فكتبوا إليه : أدركنا فما لنا بالكرج طاقة ، وبغداد ما تفوت ، فسار