المعظم ، وقال : مادام المبارز في الشرق ما آمن على نفسي ، فأرسل المعظم الظهير غازي إليه ، وقال : أنا أعطيه نابلس ، وايش أراد فجاء الظهير إلى ماردين ، وعرف المبارز رغبة المعظم فيه ، وأنه يقطعه من الشام ايش أراد ، فقال له صاحب ماردين : فإنه رأى بالشام الذل والهوان ، وكان يتمنى أنه ما وجد ، ولا كان ، فسار عن ماردين وكان مسيره إلى الشام في سنة ثمان عشرة وستمائة ، ووصل إلى دمشق ، وخرج المعظم للقائه ، ولم ينصفه ، وجاء فنزل في دار شبل الدولة الحسامي بقاسيون التي انتقلت إلى الصوفية ، وأقام بها والمعظم معرض عنه ، ويماطله باليوم وغدا حتى تفرق عنه أصحابه ، وكان معه جملة من المال والخيل العربية المنسوبة ، والجمال ، والبغال ، والسلاح والمماليك شيء كثير ، ففرق للأمراء والأكابر ، وكان جاري لأني كنت مقيما بتربة بدر الدين حسن على ثورا ، وكان يزورني وأزوره ، ويشكو إلي إعراض المعظم عنه ، وما فعله ، وكده الظهير به ، وكيف خدعه ، وأنا أسأله وأسليه وأهون عنه ، وأقول : كل الأشياء فضلتك ، ولقد وقع لي كتاب فيه حديث ملوك اليمن ، وبينما أنا قاعد أقرأه ، فدخل فقال : ايش تقرأ؟ قلت : أخبار ملوك اليمن ، فقال : إقرأ علي ، فقرأت فلان الملك عاش ألف سنة ومات بالغم ، وفلان عاش سبعمائة سنة ومات بالغم ، وذكرت من هذا الجنس ، فقال : وأنا أموت بالغم ، وكان طول النهار يجلس مهموما مغموما ، وما يفيد فيه العذل حتى انقطع أكله ، فأقام عشرين يوما لا يدخل في فيه إلا الماء ، ومات كمدا في شعبان في دار شبل الدولة ، فقام شبل الدولة بأمره أحسن قيام ، وجهزه أحسن جهاز ، وكان صديقه من أيام شمس الدولة أخي ست الشام ، ويقال إن المبارز كان مملوك شمس الدولة ، واشترى له كافور تربة على رأس زقاق شبل الدولة بألف درهم عند المصنع ، وحضر جنازته خلق عظيم لأنه كان محسنا إلى الناس ، ولم يكن في زمانه من الصلاحية وغيرهم أكرم ولا أشجع من المبارز ، وكانت له المواقف المشهودة مع صلاح الدين وغيره ، ولما مات وجد في صندوقه منشور فيه