ذكر أخلاقه
قد ذكرنا أن الملك الأمجد كان يزوره ويحبه ، وكان الشيخ يهينه ، فما قام له قط ، وكان يقول له : يا مجيد أنت تظلم ، وتفعل ، وتصنع ، وهو يعتذر إليه ، وقد ذكرنا أن العادل أظهر قراطيس سود ، فقال الشيخ عبد الله : انظروا يا مسلمين إلى هذا الشيخ الفاعل الصانع يفسد على الناس معاملاتهم ، وبلغ العادل فأبطلها ، وقد ذكرنا أخباره وكراماته وحكاياته ، وقد ذكرنا حكايته مع النصراني ومع المرأة التي كان معها الدابة ، وعليها النحاس والثياب.
وحكى عبد الصمد خادمه قال : لما كان يوم الجمعة نزل فصلى الجمعة بجامع بعلبك ، وهو صحيح ليس به شيء ، ودخل الحمام قبل الصلاة واغتسل ، وكان عليه ثوبان ثوب قد سماه لأم أيدمر ، والآخر سماه لأم بهجة ، وجاءه داود المؤذن ، وكان يغسل الموتى فقال له : ويحك يا داود انظر كيف تكون غدا ، فما فهم داود ، وقال : يا سيدي كلنا غدا في غفارتك ، ثم صعد الشيخ إلى المغارة ، وكان قد أمر الفقراء أن يقطعوا صخرة عند اللوزة التي كان ينام تحتها ويقعد عندها ، وعندها قبر وكان في نهار الجمعة قد نجرت الصخرة ، وبقي منها مقدار نصف ذراع ، فقال لهم : لا تطلع الشمس إلا وقد فرغتم منها.
قال : وبات طول الليل يذكر أصحابه ومعارفه ، ويدعو لهم ويقول : يا سيدي فلانة اجتزت بها في الموضع الفلاني أعطتني شربة ماء فشربتها ، وقليل ماء ، فتوضأت به ، اغفر لها ، وفلان أحسن إلي فأحسن إليه ، وطلع الصبح فصلى بي ، وخرج إلى الصخرة التي كان يجلس عليها ، فجلس عليها وبيده سبحته ، وقام الفقراء يتممون الصخرة ، وطلعت الشمس ، وقد فرغوا منها ، والشيخ قاعد نائم والسبحة بيده وجاء خادم من القلعة في شغل فرآه نائما قاعدا بحاله فما تجاسر أن يوقظه ، فقعد ساعة فطال عليه ، فقال : يا عبد الصمد ما أقدر أقعد أكثر من هذا ، فتقدمت إليه وقلت :