الجسر ، ومعه بغل عليه حمل خمر ، فعثر البغل عند الجسر ، وليس في الطريق أحد فصعد الشيخ من النهر ، وصاح بي : يا فقيه تعال ، قال : فجئت من النهر ، فقال : عاوني فعاونته حتى رفعنا الحمل على البغل ، وراح النصراني ، قال : فقلت في نفسي : مثل هذا الشيخ يفعل كذا ، ثم مشيت خلف البغل إلى العقيبة فجاء إلى الخمار فحط الحمل ، وفتح الزقاق ، وقلب ليكيله ، وإذا به قد صار خلا ، فقال له الخمار هذا خل فبكى ، وقال : والله ما كان إلا خمرا من ساعة ، وإنما أنا أعرف العلة ، ثم ربط البغل في الخان وعاد إلى الجبل ، وكان الشيخ قد صلى الظهر في المسجد الذي عند الجسر ، وقعد يسبح ، فدخل عليه النصراني ، وقال : يا سيدي أنا أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأن محمدا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وصار فقيرا.
وحكى لي جماعة من أهل بعلبك قالوا : كان جالسا يوما في زاويته ، وإذا بامرأة طالعة وبين يديها دابة تسوقها عليها نحاس وثياب فربطتها ، وجاءت إليه فسلمت عليه ، فقال لها : من أين أنت؟ فقالت : نصرانية من جهة المنيطرة ، قال : وما الذي جاء بك إلى عندي؟ قالت : رأيت السيدة مريم في المنام ، فقالت : اذهبي فاخدمي الشيخ عبد الله اليونيني إلى أن تموتي ، قالت : فقلت لها يا سيدتي فذاك مسلم ، فقالت صحيح إنه مسلم ولكن قلبه [مؤمن] فقال لها الشيخ : أجادت مريم ما عرفني غيرها ، فأعطاها بيتا في الزاوية ، فأقامت تخدمه ثمانية أشهر ، فمرضت ، فقال لها الشيخ : ايش تشتهين؟ قالت أموت على دين السيدة مريم ، فقال صيحوا بالقسيس ، فقال : خذ هذه إليك ، وخذ قماشها ، وكان خمسمائة درهم ، فماتت عند القسيس.
وحكى بعض أهل بعلبك أنها ما ماتت إلا مسلمة عند الشيخ ، وتصدق بما خلفت.
وكان يأوي في الشتاء إلى عيون الفاسريا بظاهر دمشق لأجل سخونة