ويستفه ، وكان الملك الأمجد يزوره ، ويحبه ، وكان الشيخ يهينه فما قام له يوما قط ، وكان يقول له : يا مجيد أنت تظلم ، وتفعل ، وتصنع ، وهو يعتذر إليه ، وأظهر العادل قراطيس سود ، فقال الشيخ عبد الله : يا مسلمين انظروا إلى هذا الشيخ الفاعل الصانع يفسد على الناس معاملاتهم ، وبلغ العادل فأبطلها.
ذكر طرف من أخباره وكراماته
كنت قد اجتمعت به في الشام في سنة ستمائة إلى سنة ثلاث وستمائة وكان له تلميذ اسمه توبة ، وكان من الصالحين الأجواد ، وسافرت إلى العراق في سنة أربع وستمائة ، وحججت ، فلما كان يوم عرفة صعدت جبل عرفات ، وإذا بالشيخ عبد الله قاعد على الجبل مستقبل الكعبة ، وعليه الثوب الخام ، وعلى رأسه القلنسوة السوداء ، فسلمت عليه فرحب بي وسألني عن طريقي ، وقعدت عنده إلى قريب الغياب ثم قلت له : ما تقوم تروح إلى المزدلفة؟ فقال : اسبقني أنت فلي رفاق ، فنزلت من الجبل وأتيت المزدلفة ، ووقفت بها ، وجئت إلى منى فدخلت مسجد الخيف ، وإذا بالشيخ توبة خارج من المسجد ، فسلم علي فقلت له : أين نزل الشيخ ، ظنا مني أنه قد حج معه ، فقال : أيما شيخ؟ فقلت : عبد الله ، قال : خلفته ببعلبك ، ففطنت فقلت مبارك ، ففهم فلزم بيدي وبكى قال : وبالله حدثني ايش معنى هذا؟ فقلت : رأيته البارحة على عرفات ، وحدثته الحديث فحدثني توبة قال : قال لي الشيخ : ما هو صحيح منك فلان فتى ، والفتى لا يكون غمازا ، فلما عدت إلى الشام عتبني الشيخ ، فقلت : توبة تلميذك ، فقال : لا تعد إلى مثلها فإنه لم يأمره أن يتحدث له بكرامة في حال حياته.
وحدثني القاضي جمال الدين ابن يعقوب قاضي كرك البقاع ببعلبك ، قال كنت يوما عند الجسر الأبيض في مسجد هناك ، وقت السحر وإذا بالشيخ عبد الله قد جاء ، فنزل ثورا يتوضأ ، وإذا بنصراني عابر على