وقطعوا رأسه وأخذوه وعادوا ، وتفرقت الممالك بعده ، وظهر التتر على الخطا بعد سنين ، وصار الخطا تبعا لهم وأخذوا البلاد .....
فصل
وفيها توفى القاهر صاحب الموصل ، وترك ولدا صغيرا اسمه محمود ، وكان طفلا فأخرج بدر الدين لؤلؤ زنكي أخا القاهر من الموصل واستولى عليها.
السنة السادسة عشرة وستمائة
وفي أول المحرم أخرب المعظم القدس ، كان قد توجه إلى أخيه الكامل إلى دمياط ، وبلغه أن طائفة من الفرنج على عزم القدس فاتفق الأمراء على خرابه وقالوا : قد خلا الشام من العساكر ، فلو أخذه الفرنج حكموا على الشام ، وكان بالقدس أخوه العزيز الأمير عثمان ، وعز الدين أيبك أستاذ الدار ، وكتب إليهما المعظم بخرابه فتوقفا وقالا : نحن نحفظه ، فكتب المعظم إليهما : لو أخذوه لقتلوا كل من كان فيه وحكموا على دمشق وبلاد الإسلام ، فألجأت الضرورة إلى إخرابه ، فشرعوا في السور أول يوم من المحرم ، ووقع في البلد ضجة مثل يوم القيامة ، وخرج النساء المخدرات ، والبنات والشيوخ ، والعجائز ، والشباب ، والصبيان إلى الصخرة ، والأقصى فقطعوا شعورهم ومزقوا ثيابهم ، بحيث امتلأت الصخرة ومحراب الأقصى من الشعور ، وخرجوا هاربين ، وتركوا أموالهم وأهاليهم ، وما شكوا أن الفرنج تصبحهم ، وامتلأت بهم الطرقات ، فبعضهم إلى مصر ، وبعضهم إلى الكرك ، وبعضهم إلى دمشق ، والبنات المخدرات يمزقن ثيابهن ويربطنها على أرجلهن من الحفا ، ومات خلق كثير من الجوع ، ومن العطش ، وكانت نوبة لم يكن مثلها في الاسلام ، ونهبت الأموال التي كانت لهم في القدس ، وبلغ القنطار الزيت عشرة دراهم ، وأكثر الشعراء في ذم دولة المعظم ودعوا عليها ، فقال بعض أهل العلم :