والمقيم بأمره خادما ، وقد ذكرناه فيما تقدم ، وعزل وزيره شمس الدين ابن أبي يعلى الموصلي ، ومضى إلى الروم ، وقام أتابك طغريل بأمر الملك العزيز أحسن قيام ، وأجمل نظام ، فاستمال الملك الأشرف يدنيه منه شيئا ويقصيه منه شيئا ، فاستمال المماليك بحسن تدبيره ، ورد كيد الأعداء في نحورهم بتحريره ......
السنة الرابعة عشرة وستمائة
وفيها قدم شيخ الشيوخ تاج الدين ابن حموية إلى بغداد رسولا من العادل ، وقدم بعده ولده فخر الدين رسولا من الكامل ، وخلع عليه خلعة بطيلسان.
.... وفيها قدم محمد خوارزم شاه إلى همذان بقصد بغداد في أربعمائة ألف على ما قيل ، وقيل ستمائة ألف ، واستعد له الخليفة ، وفرق الأموال والسلاح وأرسل إليه الشهاب السهروردي في رسالة ، فأهانه واستدعاه وأوقفه إلى جانب تخته ، ولم يأذن له في القعود ، فحكى الشهاب قال : استدعاني فأتيت إلى خيمة عظيمة لها دهليز لم أر في الدنيا مثله ، والدهليز والشقة أطلس والأطناب حرير ، وفي الدهليز ملوك العجم على اختلاف طبقاتهم منهم : صاحب همذان ، وأصبهان ، والري وغيرهم ، فدخلت إلى خيمة أخرى إبريسم ، وفي دهليزها ملوك خراسان : مرو ، ونيسابور ، وبلخ ، وغيرهم ، ثم دخلت خيمة أخرى ملوك ماوراء النهر في دهليزها ، كذلك ثلاث خيام ، فدخلنا عليه وهو في خركاه عظيمة من ذهب ، وعليها سجاف مرصع بالجواهر ، وهو صبي له شعرات قاعد على تخت ساذج وعليه قباء بخاري يساوي خمسة دراهم ، وعلى رأسه قطعة من جلد تساوي درهما ، فسلمت عليه فلم يرد ، ولا أمرني بالجلوس فشرعت خطبت خطبة بليغة ، ذكرت فيها فضل بني العباس ، ووصفت الخليفة بالزهد ، والورع ، والتقى ، والدين ، والترجمان يعيد عليه قولي ، فلما فرغت قال للترجمان : قل له : هذا الذي تصفه ما هو في بغداد ، بل أنا اجيء وأقيم