قربوا منا إذا به المعظم ، وقد أعيت ناقته ، فنزل وتحدثنا ، وأكلنا شيئا كان معنا ، وأعطانا ناقته ، وأخذ فرسي ، وقال : أين أخي؟ فقلت : في الزراعة ، وساق فاجتمعا وفاوضه في أمر حلب ، وكان الأشرف قد حلف لشهاب الدين طغريل الخادم ، وأنه أتابك محمد العزيز ولد الظاهر ، فشق على المعظم ، ولم يقل شيئا وجاءا إلى الرقة وأنا معتكف بالخانكاه ، وحضرا عندي ، وسار المعظم إلى دمشق وجهزني الأشرف إلى الحج ، وعمل لي سبيلا مثل سبيله ، وتوجهت إلى بغداد.
فصل
وحج بالناس من العراق ابن أبي فراس ، ومن الشام الفقيه علم الدين الجعبري ، وعدت من الحج على تبوك والعلاء وجمعت بين زيارة النبي صلىاللهعليهوسلم ، وبين زيارة الخليل في المحرم ، ولله المنة وفي الحديث «من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد ضمنت له على الله الجنة» ، وإن لم يتفق على نقل هذا الحديث الثقات ، والأعمال بالنيات ....
فصل
....... وفيها توفي الملك الظاهر صاحب حلب ، واسمه غازي بن صلاح الدين ، وقد ذكرنا أنه ولد بمصر سنة ثمان وستين وخمسمائة بالقاهرة ، وكان مهيبا له سياسة وفطنة ، وكانت دولته معمورة بالعلماء والفضلاء ، مزينة بالملوك والأمراء ، وكان محسنا إلى الرعية ، وإلى الوافدين عليه ، وحضر معظم غزوات والده ، ولما استقر العادل بدمشق ضم إليه الأمراء الصلاحية كميمون القصري ، والمبارز ابن يوسف بن خطلج ، وسنقر الحلبي ، وسرا سنقر ، وأيبك فطيس ، وغيرهم ، وكان في دولته من أرباب العمائم القاضي بهاء الدين ابن شداد ، والشريف الافتخار الهاشمي ، وبنو العجمي ، والقيسراني وبنو الخشاب وغيرهم ، وكان ملجأ الغرباء ، وكهف الفقراء يزور الصالحين ويتفقدهم ، ويغيث